لماذا العودة للسياسات القديمة ؟
د. عدنان سعد الزعبي
04-04-2013 03:33 AM
لو كنت مكان دولة الرئيس الآن، لفكرت بتنفيذ السيناريو الثاني، الذي سيمكنه من اجتياز خط الثقة الـ "ثلاثة فاز" فالمَشاهد تشير إلى تفاقم كرة الثلج الرافضة، بعد أن تجمعت عوامل عديدة، بدأت من المشاورات، ومرت بتشكيل الحكومة وتصريحات الرئيس حول مراقبة النواب الذين يصلحون للحكومة، ووصلت الآن لارتفاع أسعار الكهرباء.
اعتقاد الرئيس؛ بأن تخفيض سعر النفط سوف يشفع له رفع سعر الكهرباء، خاصة أن الناس يؤمنون بالتجربة أن ارتفاع سعر الكهرباء يعني ارتفاع كل ما يتعامل به المواطن، وبالتالي تكليف المواطن ما يزيد على 5 % من دخله المتهالك. الاعلان عن خطة رفع أسعار الكهرباء قصمت ظهر البعير، وبددت الآمال، فالنواب الذين يواجهون ضغطا شعبيا عارما، في ضوء الاحتقانات التي تشهدها البلاد، من عوامل مختلفة، لا يمكن أن يُغمضوا أعينهم ويتناسوا أنهم أمام القسم في خدمة الوطن والشعب ، وأنهم مؤتمنون على مصائر الناس، ومعنيون بالتخفيف عنهم، باعتبارهم هم رأسمال الوطن، والمدافعون عنهم من السياسات التي أعتبرها وبكل صراحة رجعية، لأنها ستزيل ما تبقى من أمل عند الناس.
فقبل الحديث عن رفع الكهرباء، هل ساوت الحكومة قضية فاقد الكهرباء "16%" وربح الشركات "15% "وفارق أسعار النفط التي تربحها شركة التوليد 15% من جراء الاتفاقية المشؤومة مع صاحب الدولة السابق، وبالتالي، فأنت تتحدث عن 45-50% من التكلفةن تُحسب على المواطن.
لا أعرف كيف يفكر دولة أبي زهير، وهو يرى المعاناة التي يعانيها المواطن، وبالوقت نفسه يفرض عليه المزيد منها، فهل هو واثق من أن المواطن قادر على الصبر أكثر "بشوية" وطنيات واستخدام العواطف في الحديث عن وضعنا المالي والنقدي ومستقبل التصحيح، وغيرها من عناوين؟ مللناها شعارات جوفاء لا تحمل أي جَهْد يذكر للحكومات، غير التسلط على جيب المواطن.
لن نقبل رفع الأسعار من دون فتح هذا الملف، والتعامل مع تحدياته، لن نقبل رفع الأسعار، والبدائل أمامنا كثيرة؛ أولها، وقف نزف الموازنة وتبعاتها المالية والنقدية، من جراء اللاجئين، ولو بالتوقف المؤقت وتنظيم عملية دخولهم، ووضع استراتيجية واضحة مدروسة لقضيتهم، والعالم بأسره أمام مسؤولياته.
لن نقبل قبل فتح ملفات الفساد والبدء الجاد بالمحاكمة، فهي مشاهدة لمن يريد ان يشاهد، لن نقبل قبل أن نخطط بشكل وطني صادق تجاه مال الخليج ، واثبات شفافيتنا فيما ننفق، وأين ستذهب هذه الأموال، قبل أن نُتّهم بسوء التصرف، الذي نؤيد الكثير مما يطرح بشأنه.
لم يبخل علينا الخليج، حتى نرى بعض الأبواق تتشدق بالإساءة، ولا يجوز أن نغمض أعيننا عن الحقيقة، التي ستبقينا ودول الخليج مصلحتنا واحدة ومستقبلنا واحد.
فإذا جنحت إحدى هذه الدول لمكان غربي، فهذا شأنها وسيحاسبها أبناؤها والتاريخ على دورها وعلى تبديد ثرواتهم.
لا يجوز أن تُحل قضايا الأردن فقط على حساب المواطن الأردني، وأن تعالج الأخطاء في السياسات والقرارات وسوء التقدير على حسابه، هذا إذا أردنا أن نؤجل ملف الفساد ولو للحظة. لا يجوز العودة إلى السياسات العقيمة التي تُحمّل المواطن كل شيء، خاصة اشتراطات البنك والصندوق الدوليين. فأين الاصلاح إذا ؟!
نريد أن نخرج من عنق الزجاجة، لكن، ليس على حساب المواطن المهمش، بل بسياسات واضحة تركز على المحافظات، وتشجع التعاونيات الزراعية وتربية الماشية، والصناعات الغذائية، ومنح أراض زراعية بشروط .
دعونا نتوقف عن مد الطرق والجسور الخمسة نجوم و وشراء السيارات الفارهة والسفرات والحفلات حتى نتجاوز هذا العام العجز، ولتكن للسنوات الاربع المقبلة ، فالناظر لعدد المستشفيات والجامعات والجسور ومشروعات الطرق سيحسبنا دولة مريخية.
لا أعتقد أن النواب سيكتفون برفض سياسة الرفع، خاصة "الكهرباء" بل سيقدمون برنامج إصلاحات اقتصادية متكاملا، على ضوء الموازنة، وعندها ستكون بداية موفقة للنواب، وغير موفقة للحكومة في باكورة عمرها المليء بالوعورة، فهل يتعظ دولة الرئيس؟؟!!.
Ad_alzoubi@alarabalyawm.net
العرب اليوم