تحتل عملية التنمية أهمية بالغة في مجتمعات العالم إذ تجاوزت بعض البلدان مفهومها بعدما أسست بؤرتها الإستراتيجية وإنطلقت بكل ثقة نحو الحداثة والتحديث .

بينما لاتزال مجتمعات العالم الثالث تحبوا تجاه التنمية برؤية متصدعة \ مترنحة !
فالتنمية الحقيقية لابد أن تضرب جذورها في العمق لكي تُأسس على مناهج قويمة ساعية إلى التغيير الجذري , مجتثة بعصفها كل المعوقات التي تحول دون بزوغ فجرها بيد أن الناظر إلى حال كثير من الأقطار في بلدان العالم الثالث . خاصة العربية .. يجد أن التنمية فيها مجرد شعارات رنانة تغازل أحلام المواطن العادي .. وتستنزف " جيبه المهري " .. وتصعد به إلى السماء الثامنة وبصفعة واحدة يرتطم بصفيح الواقع الفادح ..وُيُلقى المواطن بالهاوية .. والأحلام تصبح كارثة ..

فالمشاريع العظمى لايزال يتصبب عرقها على الخارطة الجغرافية الهندسية , والصقيع يجمد التنفيذ على تجاعيد الأرض الضمآ!

فجف الرمق ..وغرزت الخناجر في الخاصرة . .وزفت الأخبار إلى المواطن زفا .. بنبأ الخسائر..وإرتفاع الضرائب ..وزيادة الأسعار !

و الغلاء هصرالروح.. مثبطا العزيمة .. مُرقعا المواطن للحــاف والملابس بما تبقى من أمل !

كيف لا ؟ و الفساد يسيل في الإدارة ..والخدمات المشوهة ..وتبييض الأموال .. ومحيطات يترعرع فيها الحيتان تسجل مقاييس عالية ومرتفعة في تلك البلدان القريبة جدا إلا عن التنمية !

وأما النتائج الوخيمة فحدث ولاحرج ! فهل نتحدث مثلا عن صخب التسول ؟ أو عن مواطن يبيع كليته من أجل لجم نهم جوعه ؟ , أم نتحدث عن أسرة تشعل من أضلعها الحطب محاولة إسكات أصوات زمهرير الشتاء ! ,وأخرون يغمسون الخبز برائحة الشاي بطعم الألم ! , والبوعزيزي يحرق نفسه في الخضراء ..التي إفترسها الصفراء , واي كأن حاله يقول " حذار ..حذار من جوعي .. ومن غضبي " .

كل هذا وأعلام التنمية وضبابية وجوهها تطل علينا من نافذة الوعود المأجلة إلى كتاب مجهول ! لاصقين ظروفها المتباكية بفتوى شرعية نزل وحيها من السماء أن الإيمان بالقدر والطاعة واجب وفداء !. ولربما..يخرج علينا أحدهم ذات مساء بكًاء يحدثنا بابتسامة حمراء أن أسباب التقهقر ترجع إلى خسوف القمر يدندنها على أنغام فيروز .." نحن والتنمية جيران .. وبيننا وبينها أجيال وأجيال .
معذرة للفيروز .. ولكنها ترانيم الحكاية حكاية واقع العالم الثالث .. الكربلائي الاتنموي ولكن على غرار لطم الجيوب ..وتخديرالعقول!

فويل لأمة حضارتها ذهب ..ولا تاريخها وذهب , تقتات على الطلل الحزين ..تبكي الديار ويُنثر فيها الرمد , ضادها مضمخ بالويل .. و كأس وغانية وأغنية صارت تسبيح الجسد , وسؤال أحمق يتكرر أنت من أين وأنا من أين ؟ و "بيكو " يعيش في الرغد , وأمريكا تعيش في الرغد إن سكتنا قهرا , وإن تكلمنا صرنا مثرثرين بما هب ودب
أخيطوا الحروف , وشمعوها بالأحمر .

اتفق العرب على ان يتفقوا هو حلم جمل يلج بسم خياط ذات قدر وهب , اتفق العرب على أن لا يتفقوا رؤية توصمها الحقائق , يضمأ منها الرمق .