هناك قناعة واسعة بأن عددأً لا بأس به من العائلات التي تتلقى معونة نقدية من صندوق المعونة الوطنية لا تستحق الدعم، لأن أحوالها الفعلية تسمح لها بالخروج من دائرة الفقر المدقع التي يتعامل معها الصندوق.
والمعروف أن حصول بعض العائلات على معونة غير مستحقة لا بد أن يكون على حساب عائلات مستحقة ولا تتلقى شيئاً، ذلك أن مخصصات الصندوق محدودة ومقررة في الموازنة، فلا بد من صرفها في أفضل الوجوه.
قطع المساعدة عن عائلة غير مستحقة لا يعني توفيراً في النفقات، فمخصصات الصندوق سيتم صرفها كاملة خلال السنة، وما يتوفر نتيجة حرمان عائلة غير مستحقة يجب ان يذهب إلى عائلة أشد حاجة وأكثر استحقاقاً.
من هنا فإن الذين انبروا للاعتراض على حرمان بعض العائلات من المعونة الشهرية إنما يحاولون حرمان عائلات مستحقة من الحصول على الدعم الذي تحتاجه، فضلاً عن الظهور بمظهر من يدافع عن الفقراء! ومن المؤسف أن إدارة الصندوق اختارت التراجع بدلاً من الدفاع عن قرارها الصحيح.
المقاييـس اتي وضعها الصندوق لتحديد استحقاق المعونة ليست منـزلة، ويمكن مناقشتها وتعديلها، ولكنها من حيث المبدأ صحيحة ومنطقية، فمن غير المعقول تقديم معونة نقدية لعائلة تملك سيارة خاصة، وتستهلك كميات كبيرة من الكهرباء والمياه، وتستأجر بيتاً بأجرة كبيرة، وتملك قطيعاً من الماشية، ويحمل أكثر من فرد من أفرادها هاتفاً خلوياً، بل إنه قد يكون من غير المنطقي تقديم دعم نقدي لرب عائلة مدمن على التدخين أو الكحول.
قد يكون من الإنصاف عدم الاعتماد على مؤشر واحد لإقرار حالة المستفيد، بل اجتماع مؤشرين أو أكثر، ولكن المبدأ صحيح وواجب التطبيق، وعلى من يعترض أن يوضح ما إذا كان يريد توزيع اموال المعونة لمن يسبق كحقوق مكتسبة، وليس لمن يستحق، مع الاعتراف بمحدودية الموارد وعدم القدرة على تلبية طلب الجميع دون تمييز.
الفقر ليس مؤبداً ولا يجوز أن يكون كذلك، وخط الفقر ليس سوراً حديدياً لا يستطيع أحد اختراقه، وهناك عائلات فقيرة اجتهدت واستطاعت أن تخرج من دائرة الفقر، وعائلات ميسورة هبطت إلى ما دون خط الفقر، فلا بد من مقياس متحرك، ومعايير واضحة وصريحة تطبق على الجميع بشفافية وعدالة.
الرأي