الحدود الأردنية صمام الأمان ..
د. عامر السبايلة
01-04-2013 02:21 AM
يدور الحديث في الأوساط المختلفة سواء كانت على المستوى الوطني الأردني او العربي او الإقليمي و حتى الدولي, عن عناوين أساسية في سياق الأزمة السورية مرتبطة تماماً بمسألة اللاجئين عبر الحدود الأردنية و تداعيات آثارهم على الداخل الأردني و الذي و لد بالضرورة العنوان الجديد الآخر الذي يتلخص بضرورة ايجاد منطقة عازلة لإيواء اللاجئين داخل عمق الأراضي السورية لمسافة تترواح بين 25-40كم بحيث تصبح شعاع أمل لتأمين الحل الانساني ضمن توافقات دولية و اقليمية و عربية عبر البوابة الأردنية.
لقد انشغلت الأوساط الدولية بالبحث عن سيناريوهات مختلفة للتعامل مع مجمل الاحتمالات التي ستتجه اليها الأزمة السورية و الذي أفضى الى اعتبار الحدود الأردنية العامل الأكثر تأثيراً بمسار الأزمة السورية. الولايات المتحدة التي تجمع أوراق التفاوض مع القطب الدولي الآخر (روسيا) اعتبرت الحدود الأردنية نقطة مفصلية في تكتيكاتها الهادفة الى اضعاف الموقف الروسي و تحسين موقعها التفاوضي.
اليوم يشكل الشعب الأردني - بحسه الوطني المرهف و العروبي و الانساني- حالة ضغط حقيقية استجابت لها مؤسسات الدولة بما فيه السلطة التشريعية اليوم لحرمان الولايات المتحدة من اهم أوراقها الهادفة لفرض طوق محكم و خانق حول سوريا. هذا الموقف بدا واضحاً من خلال الموقف الأردني في القمة العربية الأخيرة في الدوحة, و التي جاءت تعبيراتها على لسان الملك عبد الله الثاني الذي اسقط الهدف القطري الأساسي المتمثل بالاعتراف بوجود الائتلاف السوري, و بالتالي انهاء فرضية استخدام الأردن كمعبر لأي حكومة سورية مؤقتة.
ضمن مسار الأزمة السورية تبين للإدارة الأمريكية تعقيدات توظيف الحدود التركية السورية بسبب خضوعها لتأثيرات اقليمية تقف على رأسها ايران و تأثيرات دولية تتمثل بروسيا. أما الحدود العراقية فتخضع للأزمة العراقية الداخلية و تأثيرات السياسة الايرانية. اما الجانب الحدودي المتعلق بالكيان الاسرائيلي فان درجة تأثيره لا تتجاوز فكرة خلق مناخ توتير لا أكثر, و قد اتضح هذا بوضوح عبر الانسحابات المتتالية للقوات الدولية على جبهة الجولان.
أما الحالة اللبنانية فقد عبرت عن نفسها برغبة الادارة الأمريكية بإقالة الحكومة و خلق حالة من التوتر اللبناني الداخلي. كل هذه المعطيات أكسبت البوابة الأردنية تميزاً خاصاً في مسار الأزمة السورية و موقعاً بالغ الأهمية في اطار استراتيجية الادارة الأمريكية بالتعامل مع الأزمة السورية.
فقد بقي موقف الأردن الدولة و مؤسساتها و السلطة التشريعية موقفاً متمسكاً بالمصالح الوطنية الأردنية العليا و ضامنة لبقاء سوريا الموحدة أرضاً و شعباً و دولة. هذه الرؤية ظهرت جلية من خلال ما عبر عنه مجلس النواب مؤخراً ضمن التوصيات التي قدمها لطبيعة التعامل مع الأزمة السورية و تداعياتها.
لهذا فان بقاء الأردن على هذا الموقف يعبر بلا شك عن المصلحة الاستراتيجية الأردنية العليا و يشكل كذلك صمام الأمان لمستقبل سوريا الموحدة. لهذا فان الضغوطات التي مازال الأردن يواجهها قد تجعله على موعد مع تحديات قادمة جديدة تمثل خطراً جدياً على كينونة الدولة و دورها القادم.