من حسن الحظ أن مشروع قانون ضريبة الدخل الجديد نشر كمسودة أولية ، مما يسمح بإجراء حوار حوله ، واستدراك ما قد يكون فيه من عيوب.
ما يميز المشروع هو التركيز هلى فكرة التصاعد في الضريبة ، والفكرة ليست مقبولة فقط بل دستورية أيضاً ، وبالتالي لا خيار في قبولها ، لكن المشكلة تكمن في فهم المشرّع للتصاعد وسوء تطبيقه.
بداية فإن مبدأ التصاعد لا يطبق على ارباح البنوك والشركات في أي بلد في العالم ، لأسباب واضحة لا داعي لأن نقف عندها طويلاً. وإذا مر القانون وطبق التصاعد على أرباح الشركات ، فسيكون ذلك عملاً غير مسبوق ، وستظهر بسرعة نتائجه غير المنطقية.
لا يقف الامر عند التصاعد كمبدأ فيما يتعلق بأرباح الشركات بل في التطبيق أيضاً ، فالتصاعد الذي نص عليه المشروع شكلي ، لأن الشرائح الأولى تافهة لدرجة يمكن تجاهلها.
كل واحدة من شركات الاتصالات أو التعدين تحقق أرباحأً تفوق ماية مليون دينار سنوياً ، ولذا فإن فرض 25% على أول 250 ألف دينار ، و30% على المليون دينار التالي ، يثير السخرية ، ذلك أن الشريحة الأولى تنطبق على ربع الواحد بالمائة من أرباح الشركة ، وتنطبق الشريحة الثانية على أقل من واحد بالمائة من الأرباح ، وبلذك يخضع 99% من الأرباح لنسبة واحدة هي 40%. وفي التطبيق يعني هذا عدم وجود تصاعد ، وأن الأرباح تخضع لنسبة موحدة هي 40%.
ينطبق ذلك على محاسبة البنوك التي تقاس أرباحها بعشرات أو مئات الملايين من الدنانير ، ولكن القانون يتعامل مع أول ربع مليون دينار بمعدل 30% ، ومليوني دينار بمعدل 35% ، والباقي أي 98% من الأرباح بمعدل 40%. والمعنى الحقيقي أن الضريبة على البنوك ليست تصاعدية ، وأن النسبة المطبقة هي 40% ، وأن الشرائح التافهة الأخرى ُ قصد بها التعمية والتظاهر بالتصاعد شكلاً.
أما ما يقال من أن رفع الضرائب على البنوك وشركات التعدين والاتصالات يعود إلى أن جزءاً كبيراً من رؤوس أموالها يخص مستثمرين غير أردنيين ، فهذه إساءة بالغة للاستثمار في الأردن ، فالأردن بحاجة لمستثمرين عرب واجانب ، ومنحهم مزايا وضمانات ، وليس الانتقام منهم.
التصاعد الحقيقي الوارد في مشروع القانون يقتصر على الأفراد ، فهناك شريحة إعفاء معقولة ، ثم خمس شرائح متساوية ومتصاعدة ، ويقف التصاعد عند مستوى 30% للدخل الذي يزيد عن سبعين ألف دينار سنوياً.
الرأي