تصريحات رئيس الوزراء امام النواب مهمة جدا وتقول الكثير، خصوصا،حين يقول رئيس الوزراء ان الاردن لا يريد ان يكون جزءا من حرب اقليمية،ومعنى الكلام بشكل مباشر ان المنطقة امام حرب اقليمية مقبلة.
هذا ما تسرب أساسا،بشكل سابق وتمت الاشارة إليه مرارا،خصوصا،بعد منح مقعد سورية في جامعة الدول العربية لكبير المعارضين السوريين،واستغاثة شيخنا احمد معاذ الخطيب وهو اسلامي على ماهو مفترض بواشنطن والناتو لحسم المعركة في سورية،وشرعنته للاحتلال العسكري الاجنبي تحت عنوان ادخال بطاريات الباتريوت في المناطق المحررة!.
الدلالات الاخرى تتعلق بالذهاب الى الامم المتحدة وأخذ مقعد سورية والتقدم لاحقا بطلب تدخل دولي الى الامم المتحدة لإنقاذ الشعب السوري،والذين سيطلبون في هذه الحالة هم ممثلو الشعب السوري الذين لا يناقش احد في شرعيتهم وكيف تم انتاجهم وتكريسهم عنوة؟!.
خلال هذه الفترة سيتم رفع مستوى شحنات السلاح الى سورية،لزيادة الاقتتال لعل المعركة يتم حسمها،ومن اجل هدف آخرغير معلن،هو تصفية الجماعات الاسلامية والقاعدة،ولذلك فإن أي سلاح لن يذهب الى الجماعات الاسلامية بل الى الاطراف الاخرى،بهدف تصفية هذه الجماعات،وفي ذات الوقت مقاتلة النظام.سلاح ضد خصمين يقتتلان في توقيت واحد.
كل المشهد يأخذنا بالضرورة الى ضربة عسكرية محتملة ضد النظام السوري في توقيت مؤجل قليلا ما بين نهاية الربيع والصيف،والضربة العسكرية يراد لها مسبقا ان تكون محدودة،وزيادة تدفقات السلاح مقصود منه إنهاك النظام،لجعل الضربة اللاحقة سريعة.
غير ان الضربة العسكرية،عبر موجات القصف قد تكون سببا في انفجار حرب اقليمية خصوصا اذا انفجرت جبهات مثل لبنان وامتدت النار الى العراق وايران،ودخلت الصين وروسيا طرفا في الموضوع.
هذا يعني ان سيناريو الحرب الاقليمية ليس مجرد خيال،ورئيس الحكومة حين يقول ان الاردن لا يريد ان يكون طرفا في حرب اقليمية يعلن عدم تدخل الاردن مسبقا،ويعلن من جهة اخرى ان ما يجري في سورية ليس ثورة شعبية،بالمعنى التقليدي بقدر كونه صراعا اقليميا دوليا تقتتل فيه كل الاطراف على ارض واحدة،ويعلن ايضا اننا امام حرب محتملة.
تأتي الاسئلة هنا حول ما سيفعله الاردن لحماية حدوده وشعبه امام التطورات،في ظل ازمة اقتصادية داخلية،وتحديات سياسية،وضغوط على العصب العام لاعتبارات اخرى،وهذا يفرض خطة طوارئ منذ هذه الايام.
المراقب يفهم اليوم لماذا يتم تقطير المال على الاردن،وسر ذلك يعود الى رفض الاردن التورط في تداعيات الازمة السورية لمصلحة اطراف اقليمية،وتقطير المال عقوبة،في وجه سد الحدود الجزئي بوجه اي عمليات حاليا،والسد الكلي لاحقا.
سيأتيك من يقول ان الاردن يراعي معادلات دولية وعلاقاته مع واشنطن وغيرها،وهذا صحيح،غير ان للاردن ايضا حساباته الداخلية،ولا يعني هذا التنسيق تحويل الاردن الى اداة لمخططات قد تؤدي في المحصلة الى تقويض ذات الاردن وبنيانه،وهو تنسيق اصطدم دائما بتحفظات اردنية في بعض القضايا.
دون بث للذعر بين الناس،فان كل المنطقة قاب قوسين أو أدنى من حرب إقليمية،خصوصا،ان كل الحلول السلمية فشلت،ولامخرج مما يجري في سورية بنظر عواصم معينة الا هذه الحرب التي يريدونها سريعة قصيرة،فيما لا يضمن أحد الى أين ستأخذنا؟!.
نظام الاسد ظالم وقاتل،فيما معارضته أشد ظلما ،وآن الآوان ان لا نبقى نصطف إما مع المعارضة وإما مع النظام،ولا بد من ان نسلك الطريق الثالث،اي الاصطفاف مع الشعب السوري ذاته الذي يدفع الثمن وحيدا في معركة لم تعد معركته.
maher@addustour.com.jo
الدستور