كان القادة العرب على موعد مع قمتهم الرابعة والعشرين في العاصمة القطرية، الدوحة، حيث إلتأم شملهم يوم الثلاثاء السادس والعشرين من آذار 2013. وهو الموعد السنوي الذي أسست له قمة عمان العربية عام 2000. وينظر الشارع العربي الى هذا المؤتمر ونتائجه بعيون مختلفة. فمنهم من لا يرى فيه إلا ذلك «البروتوكول» السنوي الذي إعتاد الإنسان العربي التعايش معه في كل نهاية آذار منذ قمة عمان التي أسست الى دورية مؤسسة القمة العربية، بعد إن غابت ملامحها منذ ما قبل الثاني من آب 1990، حينما آصاب الأمة ما أصابها نتيجة لإستمراء السياسات الفردية والتعصب للرأي، وغياب الديمقراطية، وتغليب المصلحة القطرية على أهم معايير التضامن العربي وهو مبدأ الأخوة العربية ووحدة الهدف والمصير.
فقد أتت العواصف العاتية من كل جانب على كل ما بناه الإنسان العربي ضمن خيمة التضامن العربي والعمل العربي المشترك، ليستقر الأمر العربي في بحور من الدماء والحروب الباردة، والتمزق الداخلي وسياسات المحاور والأجندات الخارجة على المبادئ القومية السامية.
كما تنظر هذه الفئة الى القمة على انها إستنساخ لما سبقها من القمم العربية منذ قمة انشاص عام 1946 الى قمة الدوحة 2013. ويمعن هؤلاء «بسوداويتهم المشروعة أحياناً»، في تشخيص الحالة العربية بأنها حالة مستعصية على الحل، ولن تقوم لها قائمة ما دام النظام العربي رهن إشارة القوى والمصالح الأجنبية التي لا تلتقي، ولا بأي حالة من الأحوال، مع الأسس التي بني عليها مفهوم الأمة العربية كمصطلح ديمغرافي وسياسي وجيو -إستراتيجي. ويؤكد هؤلاء بأن الامة لا تجتمع إلا على إستحياء، وأحياناً لتمرير سياسات لا تؤدي إلا الى المزيد من الفرقة وإستباحة حرمات الأمة. وينهي هؤلاء «المتشائمين»، إلى أن قمة الدوحة عالجت المصالح العربية شكلاً وليس مضموناً، وطغت خلالها الإستعراضات البروتوكولية- الهامشية وغير الأساسية على الملفات الأساسية.
أما المتفائلون، فيرون بأن قمة الدوحة ناجحة بكل المقاييس. حيث يعتبرون بأن لقاء القادة العرب، إنجازاً بحد ذاته في هذا الزمن العربي الرديء. حيث تصدرت كل من القضية الفلسطينية والأزمة السورية، جدول أعمال هذه القمة، وكذلك موضوع إعادة هيكلة الجامعة العربية.
فقد طالبت القمة العربية مجلس الأمن الدولي إلى تحمل مسؤولياته، والتحرك لإتخاذ الخطوات والآليات اللازمة لحل الصراع العربي -الإسرائيلي بكافة جوانبه، وتحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة على أساس حل الدولتين وفقا لحدود الرابع من يونيو- حزيران 1967، وتنفيذ قراراته، وتحمل مسئولياته تجاه الشعب العربي الفلسطيني.
اما فيما يتعلق في الشأن السوري، فقد أكدت القمة على أن الحل السياسي والسلمي هو الطريق الأسلم للخروج من الأزمة التي عصفت بدولة عربية مؤسسة للجامعة العربية، وتمثل ركناً محورياً وأساسياً من أركان النظام العربي.
كما يمكن إعتبار، تأكيد القمة على مبدأ الحوار بين الرؤى المتضاربة حيناً، والمتقاطعة أحياناً أخرى بين مكونات المجتمعات العربية، تجاه الملفات الساخنة التي أفرزها الربيع العربي، وتوالي إرتداداتها، مبادرة إيجابية تسجل لقمة الدوحة ولرئيسها، الأمير القطري، بالإضافة إلى الدور الإيجابي المميز لباقي الزعماء العرب.
وقد شكل خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني في قمة الدوحة، إضافة نوعية وجديدة لدعم وإسناد الحقوق العربية. حيث لامست كلمات جلالته الواضحة والعقلانية في القمة، وجدان كل الجادين من أجل نظام عربي فاعل. فقد اوضح الملك عبدالله الثاني «بــــأن الأمة لا يمكن لها أن تأخذ دورها إلا اذا نبذت خلافاتها البينية، وتبنت مفهوم العمل العربي المشترك والتضامن والوحدة امام كل ما يهددها..إقليمياً ودولياً..».
فهل سنعيش ونرى وقف نزيف الدم العربي الذي يهدر، لا لشيء، وإنما إرضاء للآخر المتربص بهذه الأمة.
almajali74@yahoo.com
الرأي