نهاية المبدع الأردني .. فايز بديوي نموذجا
عاطف الفراية
15-12-2007 02:00 AM
لم أكن يوما معنيا بالرياضة أو متابعة أخبارها.. وما أذكره أن اسم فايز بديوي كان يتردد في الحديث عن الرياضة منتصف الثمانينيات بوصفه لاعبا مهما في نادي الرمثا وفي المنتخب الوطني.. والآن يخطر لي أحيانا أن أتساءل بيني وبين نفسي عن تلك الأسماء التي عرفناها أيام دراستنا الثانوية وما تلاها ماذا حدث بهم؟ .. فايز بديوي.. خالد الزعبي.. عصام التلي وتوفيق الصاحب ..إبراهيم سعدية.. ماجد بسيوني.. سهل الغزاوي.. غسان جمعة..وغيرهم في غبش الذاكرة .. ومن الجيل الذي سبقهم بقليل وأدركناه في أيام دراستنا.. حدّو.. حسونة يدج.. نبيل التلي..والملاكم فهد الطنبوري. وأغلب الظن أن بعض القراء سيضحك حين يجدني أخلط بين الأجيال الكروية.. ربما..
ما أثار هذه الشجون هو أنني ( اليوم الجمعة 14/12) فتحت على شاشتنا الوطنية وشاهدت برنامجا رياضيا استضاف فايز بديوي.. استوقفني الاسم .. فلم أغير المحطة التي دائما أعبرها إلى غيرها سريعا.. اسم أعاد ساعتي عشرين عاما إلى الوراء.. أصابني فضول قاتل لأعرف إلى أين انتهى.. وكان اللقاء صدمة تضاف إلى مخزون خميس بن جمعة من البؤس.
وسألخص هنا ما جمعته من شتات المقابلة.. لنفكر معا في النهاية التي يضمنها وطننا لمن أفنوا شبابهم من أجل رفع رايته.
فايز يعمل مدربا في جامعة العلوم والتكنولوجيا.. أصيب في أربطة قدمه أو ركبته لا أدري.. أحالته الجامعة إلى مؤسسة الضمان الاجتماعي.. المؤسسة لم تعترف بالإصابة ولم تصرف له تقاعدا.. عاد إلى الجامعة فلم تقبله ولم تعده إلى عمله.. ضاع بينهما .. قال فايز في اللقاء كلاما أجبر دمعة الغريب الحرّى على التدحرج.. كان مما قال: أندم ندما شديدا على أنني أهلكت معظم عمري في لعبة كرة القدم.. وقد أبعدت أبنائي إلى مجالات أخرى .. نادي الرمثا الذي منحه عمره أخرجه من التدريب ولم يدفع له رواتبه المستحقة في العقد (راتب المدرب كما ذكر فايز هو 500 دينار.. يعني ثلث راتب مستشار لا يستشار في شيء) وقال إنهم حين كانوا يحققون الإنجازات للوطن وللنادي لم تكن لهم رواتب.. علق المذيع: خدمة علم؟ أجاب فايز: نعم خدمة علم.. المذيع مرة أخرى: لكن في خدمة العلم هناك مأكل وملبس مجانا..
لم يرفع فايز قضية على الضمان الاجتماعي ولا على جامعة العلوم والتكنولوجيا.. المذيع يسأل: لماذا؟ يجيب فايز بحياء شديد وهو يقرر حقيقتنا: (اللي إلو واسطة في هالبلد بيوخذ حقه) المذيع يعلق: اسم فايز بديوي بحد ذاته أكبر واسطة.. هنا تدخل خميس بن جمعة بضحكة هازئة: كم أنت واهم أيها المذيع..
وكان مما قاله المذيع وآلمني: يا ليت رئيس الجامعة ينظر إلى مسألة فايز نظرة إنسانية.. (كأن فايز متسول)
المذيع يتساءل: كيف تدبر أمورك؟ فايز يجيب كما يجيب أي بائس: الحمد لله ربك ما بينسى حدا..
لن أعلق كثيرا على هذه الحالة.. فهي تعبر عن نفسها .. لكنني أتساءل فقط: هل هذا المصير هو ما يؤول إليه كل مجتهد لدينا؟ هل هذه نهاية الذين يقضون أعمارهم في البحث عن مجد لوطنهم؟ وهل هذا حال من كان الوطن يوما يحط على أكتافهم همّ الإنجاز؟ أحقا ما رأيت وما سمعت؟ لقد كنت أشاهد وأسمع وأبكي وأضحك.. وكأنني كنت في برنامج ممازحات.. والله العظيم..
http://atefamal.maktoobblog.com/