منتخب كرة القدم : مؤسسة أردنية ناجحة
باتر محمد وردم
28-03-2013 05:25 AM
في مرحلة باتت فيها معظم المؤسسات والمكتسبات وأمثلة النجاح الأردنية تشهد تراجعا في الأداء وفي الثقة مع الرأي العام، يبقى المنتخب الأردني لكرة القدم ومنذ بضع سنوات مصدرا للفرحة النقية ومؤشرا صادقا للكيفية التي يمكن بها للأردنيين أن يحققوا النجاح ويقدموا نموذجا في الأداء الإداري الصحيح والانتماء الوطني الحقيقي المعتمد على الجهد والكفاءة وليس الشعارات الجوفاء.
الفوز على المنتخب الياباني ليس أمرا عاديا، فهذا الفريق وصل منذ سنوات إلى مستوى العالمية وهو ينافس المنتخبات الدولية الكبرى ويتعبها وأحيانا يهزمها ويلعب أفراده في أهم بطولات الدوري الأوروبي ويحتكون بأهم اللاعبين عالميا. الفوز الأردني جاء نتيجة تخطيط عالي المستوى من قبل الجهاز التدريبي في استثمار الفترات التي يمتلك بها المنتخب الكرة بأفضل طريقة وعدم إرهاق اللاعبين بالكثير من الاستحواذ أمام منتخب يمتلك مهارات فنية عالية جدا. واقعية التخطيط ودقته نفذها اللاعبون بروح وطنية عالية وأمام دعم رائع من قبل الجمهور الذي كان مؤثرا جدا في الفوز.
معادلة الفوز الأردنية في كرة القدم منذ بضع سنوات واضحة جدا في دقة التخطيط وحسن الأداء والاعتماد على الكفاءات لا المحسوبيات في التشكيل الرئيس، والانتماء الحقيقي غير المرتبط بالمكاسب والأعطيات وأخيرا الوحدة الوطنية التي تطغى على كل الانتماءات العشائرية والجهوية. لو كانت حكوماتنا ومؤسساتنا العامة تدار بنفس هذه الطريقة لتحسنت الكثير من الأمور في بلدنا وكانت الثقة ستعود بين الدولة والرأي العام بسرعة.
أي تغيير في هذه المعادلة أسهم في تحقيق بعض النتائج السلبية في الفترة الماضية، وخسارة المنتخب لبعض المباريات التي كان يجب أن يفوز بها وخاصة المباراة الأخيرة أمام العراق والتي ربما كلفتنا نسبة كبيرة من فرص التأهل. الآن مطلوب من المنتخب الاستعداد النفسي والبدني الدقيق للمواجهة الصعبة القادمة في أستراليا والتي تجد نفسها في موضع صعب وفي احتمال الخروج من تصفيات كاس العالم بالرغم من امتلاك أستراليا ايضا للاعبين متميزين في أفضل البطولات الأوروبية. أن مجرد تمكن منتخبنا بامكانياته المادية المحدودة وخبرات اللاعبين المقتصرة على البطولات المحلية وبعض البطولات العربية من هزيمة فريقين بحجم أستراليا واليابان هو إنجاز حقيقي ليس فقط على مستوى ملعب كرة القدم بل على مستوى ثقة الإنسان الأردني بقدرته وامكاناته.
خلف هذا الإنجاز تقف القيادة الرزينة والحكيمة للأمير علي بن الحسين الذي اثبت قدرة عالية على تقوية الثقة بالذات لدى اللاعبين وتحويل الانتماءات النادوية إلى انتماء موحد للوطن وقربه المباشر من اللاعبين وتواضعه ومنحه الدائم لفرص التعويض عند حدوث بعض الهزات؛ ما جعل مستوى الكرة الأردنية يتطور ليقف على أرضية تتساوى مع عمالقة آسيا وتقترب تدريجيا من المستويات العالمية.
نتمنى أن يتمكن منتخبنا من تحقيق إنجاز التأهل لكاس العالم خلال المباراتين القادمتين، وحتى في حال لم يتمكن يكفيه النجاح في رسم الابتسامة والضحكة النقية التي افتقدناها منذ فترة، وأن يرسم نموذجا لمؤسسة أردنية ناجحة تثبت القدرات الوطنية في مواجهة التحديات المختلفة وتجعل الجميع يفتخر بأنه أردني.
batirw@yahoo.com
الدستور