استيقظ مستبشرة.. نهار جديد..شمس جديدة..يقرع الباب .. فتمتد يد بفاتورة.. أبحث عن العوينات.. ويصطاد الرقم المدون والمطلوب فرحة النهار الأولى..أحيانا ألقيها فورا في صندوق المطالبات الشهرية تنتظر دورها في التسديد..لأستبقي الابتهاج بطلوع شمس جديدة.. أدير التلفاز وأبدأ بصنع قهوة الصباح.. يأتيني صوت رفيع حاد يسأل الضيف التلفزيوني:دكتوووور كيف ممكن نخلي اولادنا يقرأوا / أشك بأنها أمسكت كتاب بعد آخر امتحان في الجامعة / فأدلق القهوة في الفنجان.. بعد أن أخفض من صوت هذا الجهاز العجيب.. تمتد يدي بتردد إلى الأزرار المختصة بتدفئة المكان.. ماذا لو نضب الوقود؟ نبهني بالأمس حارس البناية بأن علي أن أملأ خزان السولار.. فأستدير لأفتح الستائر.. تنتشر أشعة الشمس في أنحاء غرفة الجلوس..هكذا أفضل.. أهمس لنفسي..
تبدأ المتاجر الجوالة بالنداء.. أثاث للبيع.. كوسى بندورة .. سيمفونية الغاز تتوقف في منتصف الشارع.. صوت ارتطام قوارير الغاز مع استمرار موسيقى الجاز.. عفوا الغاز!
شاب فحل يدوخ سيارة.. صرير وغبار يمتزج برائحة بنزين نيء..
أرفع من صوت التلفاز.. فينشج الباكي الشاكي.. وحوله تحوم جنيات الفيديو كليب..
فأقرر البحث عن السكينة في محطة فضائية تبث تلاوة هادئة لأيات من القرآن..
أتذكر أن هناك أوراق يلزمني تحضيرها لاجتماعات بعد الظهر..
أفتح جهاز الكمبيوتر.. أبحث عن المادة المطلوبة.. ألقي نظرة على الطابعة.. لابأس سأنقل المواد إلى الذاكرة الصغيرة التي تشبه "ولاعة" ليس هناك من ورق.. رغم استخدامي لوجهي الورق في معظم الأحيان...
أنتهي من قهوتي.. وأبدأ بالاستعداد للخروج من البيت..
أحمل أوراقي وحقيبتي وأغادر البيت.. أشير لسيارة الأجرة.. يفتح السائق النافذة سائلا بفجاجة: إلى أين؟
: أين تريدني أن أذهب.. ؟
ذاهبة إلى عملي.. ماذا يضيرك أين يكون.. طالما أنت اخترت أن تعمل على سيارة أجرة..
إذا كان لدي متسع من الوقت..أرفض المساومة.. أما في حالة اضطراري الوصول في وقت محدد.. فأتساهل وأجيب.. سأدفع نصف دينار زائد العداد تعويض عن الأزمة.. هل يناسبك ذلك..!!
في الطريق..
على مقربة من الدوار الخامس، تطير كاسات بيبسي بلاستيكة وأكياس ملوثة انتفخت بمخلفات الوجبات السريعة من سيارة هامر سوداء فاخرة،
في الشارع الموازي لأمانة العاصمة في راس العين.. ستنط حافلة كوستر من رصيف لآخر..
الإشارة حمراء عند طلوع المصدار.. أبحث عن الرجل المشغول دائما في سحب الخيط من مكان أعتقد أنه وهمي..قيل لي أنه كان يمتهن الطب...!
يتعالى النفير..وتندفع السيارات.. لا أحد يرى من أمامه وليس هناك من يلتفت إلى من خلفه أو جواره.. الجميع منشغل، إما بالحديث بالخلوي أو بكتابة رسالة.. أو سابح في شرود عميق...
rabeea.alnasser@gmail.com