عشرون دينارا فقط هي مكافأة نهاية العام لعمّال الأمانة! مبلغ تافه كان يستحق تعليقات ساخرة من العمّال لولا أنه تزامن مع مكافآت أخرى عكست طبقية صارخة لدرجة استفزتهم للاعتصام أمام الأمانة.لا أدري كيف قبل مجلس أمانة عمّان لنفسه أن يقرّ مثل هذا القائمة التي حوّلت كرم الأمانة بتقديم عيدية نهاية العام إلى استفزاز خطير؟ فمكافأة كبار المديرين (1500 دينار) هي 6 أضعاف مكافأة المديرين المتوسطين والمهندسين (250 دينار) وتلك هي 5 أضعاف صغار الموظفين (50 دينار) وعمّال المياومة والنظافة فقط 20 دينارا.
لا نقول بالمساواة في المكافآت, ولكن كان يمكن ببساطة اتباع قياس منطقي ومعقول مثل اعطاء راتب شهر كمكافأة واذا بدا المبلغ كبيرا لموازنة الأمانة فنصف راتب شهر أو ربع راتب شهر، وبالطبع كلما انخفض المبلغ يكون رضا الجميع أقلّ لكنه لن يشكل تمييزا استفزازيا لأي طرف.
من الواضح ان اللجنة التي قررت هي من كبار الموظفين ولم تفكر أبدا بتوازن وإنصاف, وما كان على الأمين أن يقبل تمرير الاقتراح للمجلس الذي اظهر حساسية متدنية للعدالة والانصاف، وأعتقد ان قيادة الأمانة ستعيد, بل لا بدّ أن تعيد, النظر في الأمر ولا أرى اسلوبا أكثر منطقية من نسبة المكافأة الى الراتب.
حسب التصريح المنسوب للأمين، فالمكافأة يمكن أن تزيد أو تقلّ عن الراتب وترتبط بعطاء وإنجازات الدوائر، لكن الصيغة التي اقرت لم ترتبط بشيء سوى الشرائح الوظيفية؛ فكل المديرين وكل المهندسين ورؤساء الأقسام وكل العمال نالوا نفس المكافأة المقررة لشريحتهم, بينما المكافأة على الأداء تشمل كل موظف على حدة أو على الأقل العاملين في كل قسم أو منطقة على حدة وفق درجة التميز.
كما حرصت أوساط الأمانة على نفي ما ساد من انطباعات مفادها أن المكافأة هي راتب ثالث عشر، ونحن نسأل لما لا يكون هناك راتب ثالث عشر كما هو حال الكثير من المؤسسات؟ فالأمانة مؤسسة متميزة، ويجب ان تكون طليعية في توجيه الامتيازات والحوافز للعاملين. ويجب أن تكون طليعية في اعلاء شأن قيمة العمل والقضاء على ثقافة العيب وتكريم عمّال النظافة على وجه الخصوص, وإعلاء شأنهم يعطي الرسالة المناسبة بهذا الصدد, لكن الأمانة على العكس من ذلك حطّت من شأنهم بتلك المكافأة المتواضعة، وهذا القرار أتى ايضا بعد إقرار مكافأة شهرية لأعضاء مجلس الأمانة بمبلغ 1500 دينار (مساو لرواتب النواب) وهم ليسوا موظفين ولا يقومون بعمل دائم ما أثار ضجّة شديدة.
من جديد نحن لا نتاجر بشعارات مساواتية مجّانية، ونقبل أن تتميز الأمانة بمزيد من الحوافز لرجالها تتجاوز السائد من الرواتب في الدولة، والتي نعرف انها طاردة للكفاءات محبطة للمعنويات ونريد للتحديث ان يشق طرقه قدما في الأمانة, لكن هذا شيء وبروز عقلية تقبل التمييز الشديد الذي لا يرتبط حقيقةً بالقدرات والكفاءة والعطاء بل بالنظرة الطبقية والاجتماعية شيء آخر.