رؤية في سياسات ضريبة المبيعات
رفعت عبيدات
14-12-2007 02:00 AM
إن الشفافية وسهولة فهم وتطبيق قانون الضريبة العامة على المبيعات؛ أساس لا بد منه ويتحقق ذلك بإلغاء أو تقليل الحالات الخاصة في تطبيق الضريبة على السلع والخدمات سواء عند الإخضاع للضريبة أو عند تطبيق آليات الخصم والرد، وسواء بيعت لمواطنين عاديين أو لجهات مختلفة، فإن تحقق ذلك فإنه سيساعد على تعظيم الإيرادات وزيادة العدالة ومراعاة ذوي الدخول المحدودة ويقلل من تدخل الضريبة في المنافسة الحرة للسوق، كما أنه يضيق على التهرب الضريبي.
إن تعدد النسب الضريبية كالنسبة المخفضة (4%)، وإعفاء مشتريات بعض الجهات من الضريبة، وفتح المجال لمطالبة جهات عديدة بإعفاء مشترياتها أو حتى مبيعاتها من الضريبة يخلق تشوها في النظام الضريبي، ويضر بالموازنة، ويحقق مصالح البعض على حساب مصلحة الكل.
إن عدم وضوح بعض المفاهيم الضريبية؛ كمفهوم الخدمة وكيفية اعتبارها محلية أو مصدرة أو مستوردة أو خارج النطاق الضريبيي، وعدم وضوح بعض السلع والخدمات التي لا يجيز القانون خصم الضريبة المدفوعة عنها، وتعدد حدود التسجيل وعدم وضوحه أحيانا إضافة لمفاهيم أخرى؛ كل ذلك يؤدي إلى إرباك لدى المكلفين والموظفين على حد سواء.
إن عدم تدرج العقوبات وتركيزها على الركن المادي في تجريم المخطئين، يؤدي إلى ظلم البعض ويجعل نظرتهم للقانون والدائرة سلبية.
لتصويب هذه الاختلالات أقترح ما يلي:
1. فيما يتعلق بخضوع السلع والخدمات للضريبة:
إن تعدد النسب الضريبية يحمل سلبيات كثيرة فهو يقلل من الشفافية والوضوح والسهولة في التطبيق فالمستهلك والتاجر يختلط عليهم خضوع السلعة للضريبة بنسبة 4% أو 16% أو غيرها. وإن تعدد النسب الضريبية وإعفاء بعض السلع والخدمات من الضريبة يساعد على التهرب الضريبي وفيه توجيه غير سليم للاستثمار لدفعه باتجاه السلع والخدمات المعفاة من الضريبة على حساب الخاضعة منها. وبالتالي فإخضاعها للضريبة سيزيد الإيرادات التي تستغل في دعم بعض الفئات الأكثر احتياجا. لذا أقترح:
4. فيما يتعلق بالسلع والخدمات الواردة بالجدول رقم (3)؛ هناك سلع وخدمات لا ضرورة لإثقال هذا الجدول بها؛ لذا يفضل إخضاعها للضريبة؛ ونبرر لذلك عند مناقشتنا لها كما يلي:
? إنتاج وجمع وتوزيع الكهرباء؛ أن يتم إعفاؤها من الضريبة الإضافية؛ مقابل إخضاعها لضريبة المبيعات؛ فلا داع لتعدد القوانين الضريبية التي تحكم السلع والخدمات، كما أن وجود العديد من الأشخاص والجهات القادرة على دفع الضريبة على هذه السلعة يتناقض مع الإعفاء منها. ومثلها جمع وتنقية المياه، حيث يمكن استيعاب الزيادة في الأسعار من قبل الحكومة من خلال دعم هاتين السلعتين، على أن يضاف لجدول السلع والخدمات التي لا يقبل خصم الضريبة المدفوعة على تلك السلع والخدمات التي تدعمها الحكومة.
? الإنشاءات؛ فإعفاؤها متعلق بعدم ارتباطها بأنشطة أخرى وأن تكون المشاريع مصادقا عليها من قبل نقابة المقاولين، وهذا يشكل إرباكا؛ كما أن مدخلات هذه الخدمة خاضعة للضريبة حاليا وبالتالي فإخضاعها لن يرفع سعرها بمقدار نسبة الضريبة وإنما أقل من ذلك بكثير، لكنه يساعد في اكتمال حلقات الضريبة مما يساعد في تقليل التهرب من ضريبة هذه المدخلات، كما أن الأصل هو المساواة في الإخضاع للضريبة بين المقاولين الصغار غير المنتسبين لنقابة المقاولين وبين كبار المقاولين.
? أما أنشطة الوساطة المالية والأنشطة المساعدة للوساطة المالية وأنشطة التأمين، فمن الأفضل إخضاعها جميعا للضريبة باستثناء إعادة التأمين وأنشطة الاقتراض والإقراض المالي المقدمة أو المستوردة من قبل جهات مرخصة لهذه الغايات سواء رخصت بموجب قانون البنوك أو غيره من القوانين النافذة وأنشطة قبول الودائع المقدمة من هذه الجهات وأنشطة المتاجرة بالأسهم والعملات المرخصة باستثناء أنشطة الوساطة المتعلقة بها فلتخضع للضريبة.
? إخضاع بيع الأراضي والعقارات، وخدمات تشغيل هذه الأصول للضريبة باستثناء بيع وتأجير المساكن التي لا تزيد مساحتها عن 250 متر مربع وللمواطنين الأردنيين فقط. فإعفاؤها لم يعد مبررا بعد إخضاع مدخلاتها الأساسية للضريبة العامة بدلا من الخاصة وما دام يمكن خصم الضريبة المدفوعة على المدخلات والسماح بخصم الضريبة على هذه العقارات يقلل من التهرب الضريبي في مدخلات هذه العقارات من ناحية ويزيد في إيراد الضريبة بحيث يمكن أن يرصد العائد من هذه البيوع والإيجارات في صناديق تساعد على توفير مساكن للمواطنين الأردنيين.
? إخضاع ما تبقى من الخدمات الخاضعة للضريبة الإضافية وإلغاء هذا القانون.
? إخضاع خدمات الصحة والتعليم والتدريب، ولهذا مبرره المتمثل في أن كثيرا من هذه الخدمات تقدم لغير الأردنيين، وبالمقابل فإن الإيرادات المتأتية يجب أن تصب بشكل مباشر في ميداني الخدمات الصحية والتعليمية التي تقدمها الحكومة لرفع سويتهما بما يكفل تميزا في الخدمات التي تقدمها الدولة للمواطنين، ما يحسن أداء الدولة تجاه المواطنين ويزيد ثقتهم والتزامها الضريبي عند علمهم بأنها تعود عليهم بالنفع المباشر بحيث أنه لا ضير أن يكتب على واجهة مستشفى أو مدرسة أنها بنيت بالكامل من إيراد ضريبة المبيعات، وكذلك تستغل هذه الإيرادات في توسيع مظلة التأمين الصحي الحكومي.
5. إعفاء السلع الضرورية للمواطن ذات المساس بقوته وعلاجه مثل الحيوانات الحية، واللحوم والأحشاء والأطراف، والأسماك عدا القشريات والرخويات، والألبان، وبيض الدجاج، الحبوب، والخضار، والفواكه، والنباتات والأشجار والأشتال التي هي لإعطاء الثمر، والبقول، والشاي، والسكر والزيوت والدهون النباتية والحيوانية، وملح الطعام، وأغذية الحيوانات والأسمدة والمبيدات والمخصبات الزراعية والملش الزراعي ولوازم أنظمة ري المزروعات من الضريبة المخفضة البالغة 4%، وإخضاع الأدوية لنسبة الصفر وأن يقتصر ذلك على الأدوية المسجلة في وزارة الصحة ودون أية منتجات صيدلة أخرى؛ وتعويض نقص الإيراد بإخضاع بقية السلع الخاضعة لهذه النسبة المخفضة والتي لا تمس قوت المواطن وعلاجه للضريبة بنسبتها العامة.
2. فيما يتعلق بإعفاء الجهات المختلفة:
? هناك العديد من الجهات التي إما أن مشترياتها ومستورداتها معفاة من الضريبة أو خاضعة لنسبة الصفر، وهذا الإعفاء يصعب تطبيق القانون لأنه يربك البعض ويساعد على التهرب من الضريبة نتيجة استغلال البعض له، وهو يقلل إيرادات الضريبة دون داع، حيث يمكن للحكومة أن تمول أية ضريبة لا تجد مناصا من إعفائها كالسلع والخدمات لتي تشترى بقروض أو منح خارجية من خلال رصد مبالغ لدى وزارة التخطيط لتمويل الضريبة.
3. فيما يتعلق بالخدمة، وكيفية التعامل معها:
هناك مشكلة في كيفية التعامل مع الخدمة؛ متى تعتبر محلية أو مستوردة أو مصدرة أو خارج النطاق الضريبي وهذا يشكل إرباكا للمكلفين وموظفي الضريبة على حد سواء؛ كما أن تعريف الخدمة ومدى خضوعها غير متساو في القانونين الذين تطبقهما الدائرة (الدخل والمبيعات)، لهذا أقترح أن يتم توحيد آلية التعامل مع الخدمات في كلا القانونين، ووضع تعليمات تنفيذية تعالج موضوع الخدمات تحدد متى يكون مكان الاستفادة من الخدمة هو الذي يحدد خضوعها وما هي الخدمات التي يحدد خضوعها مكان المستفيد من الخدمة.
4. فيما يتعلق بقبول خصم الضريبة المدفوعة على السلع والخدمات:
? السماح بخصم الضريبة على السلع والخدمات الإنشائية ما دام بيع العقارات وتأجيرها قد سبق نقاش إخضاعه للضريبة.
5. فيما يتعلق بالعقوبات:
? أن تكون الغرامة على أساس مقدار ما أثر فعل التهرب على الإيراد من ضياع؛ فمثلا عند التخلف عن التسجيل فإن الضريبة الضائعة هي محصلة الضريبة على المبيعات بعد خصم الضريبة المدفوعة على مدخلات هذه المبيعات تحديدا.
? أن تخفف العقوبة لتكون 25% من الضريبة المتهرب منها في حالات التهرب التي يكون واضحا فيها انتفاء قصد التهرب كما في خصم الضريبة في فترة سابقة للفترة التي يجوز الخصم فيها.
? التدرج في العقوبات للحالات الأخرى بحيث تبدأ من 40% من الضريبة المتهرب منها في أول مرة ثم تضاعف العقوبة في حال التكرار.
? أن تطبق عقوبة بمثابة غرامة على الأشخاص؛ غير المكلف نفسه الذي عوقب في ذلك البند؛ كالمدراء الماليين والمحاسبين والمستشارين والمدققين والمحامين إذا ما ثبت تورطهم في التهرب قصدا.
rifat.obaidat@jo.ey.com