قانون الضريبة: هل يحقق الهدف؟
جمانة غنيمات
26-03-2013 04:31 AM
وضع مشروع قانون جديد لضريبة الدخل كان مطلبا إصلاحيا، نادت به مختلف القوى السياسية والحزبية. وإقرار القانون الجديد، بعد مروره بكل المراحل الدستورية، سيشكل حجر أساس رئيسا للإصلاح الاقتصادي المنشود.
مشروع القانون الذي وضعته الحكومة الحالية، ونشر على موقع ديوان التشريع والرأي، ليس نهائيا، ولم يقره مجلس الوزراء بعد، وما يزال الجدل والحوار حوله مستمرين، وليس في ذلك ضرر.
المهم أن نخرج بقانون يحقق الغاية الأساسية من أي نظام ضريبي، والمتمثلة في تحقيق العدالة وتوزيع العبء الضريبي، إلى جانب الانسجام مع الدستور لناحية الالتزام بتصاعدية النسب المفروضة على القطاعات الاقتصادية.
المطالبة بالقانون لم تأت من فراغ، بل جاءت بعد أن تجلّت سلبيات القانون القديم الذي وضع في عهد حكومة سمير الرفاعي، وفشل في إعادة توزيع مكتسبات التنمية، ولم يضع حدا للتهرب الضريبي، وأخفق في تحسين مستوى التحصيل.
الإطار العام لمشروع القانون الجديد إيجابي، كونه التزم بفكرة تصاعدية الضريبة على الأفراد والقطاعات. لكن ثمة تفاصيل كثيرة بحاجة إلى التوقف عندها لمراعاة النتائج المتوقعة منها، وثمة أسئلة يجب الإجابة عنها قبل إقرار التشريع بشكله النهائي.
الضريبة على الأفراد لحقها بعض التغيير، وتحديدا فيما يتعلق بنسب الإعفاء الممنوح للفرد والعائلات. إذ يتضمن المقترح تقليل حجم الإعفاء المقدم ليبلغ 9 آلاف دينار، نزولا من 12 ألف دينار، للفرد؛ إلى جانب إعفاء 18 ألف دينار للعائلة، بعد أن كان يعفى للأسرة 24 ألف دينار.
المشرّع خطا هذه الخطوة بهدف تقليص نسبة الأردنيين المعفيين من الضريبة، والمقدرة حاليا بحوالي 99 % منهم، بحيث تصل إلى 96 % تقريبا. وهذه الخطوة، في ظل الوضع السياسي، يلزم التوقف عندها كثيرا، ودراسة آثارها جيدا وبعمق، لمساسها الكبير والخطير بالطبقة الوسطى. إذ إن الدخل الذي سيخضع للضريبة سيتراجع من 2000 دينار شهريا، ليصبح دخل الأسرة البالغ 1500 دينار فأكثر خاضعا للضريبة.
فحرمان الشريحة التي يتراوح دخلها الشهري بين 1500–2000 دينار من الإعفاء، سيضيف أعباء إضافية على فئة تشكل عماد الطبقة الوسطى اليوم، وسيولد تبعات سلبية تنجم عن زيادة أعباء هذه الأسر المعتمدة على نفسها في التعليم والطبابة مثلا، لدى القطاع الخاص، بسبب تردي مستوى الخدمات الحكومية، ما سيؤثر على 3 % من الأسر التي تعفى اليوم بموجب القانون من ضريبة الدخل.
الضريبة على القطاعات ستأخذ الحيز الأكبر من الاهتمام. وهنا أيضا ثمة تفاصيل كثيرة يلزم التفكير فيها مليا، منها ما يتعلق بنسبة الضريبة المفروضة على القطاعات، ومدى عدالتها، بحيث تحدد وفق معايير واضحة، ترتبط مثلا بدور القطاع في توظيف الأردنيين؛ فلا يجوز المساواة مثلا بين قطاع العقار المشغل لغير الأردنيين، وقطاع ثان جل العاملين فيه من الأردنيين.
ومن الضروري الانتباه إلى ماهية تأثير القانون على فكرة اندماج الشركات، خصوصا أن القانون سيلعب دورا كبيرا في تحقيق هذه الغاية من عدمه. وزيادة العبء الضريبي على الشركات سيضطرها إلى الابتعاد عن فكرة الاندماج.
ومن المهم أن يراعى دور القانون الجديد في تحقيق النمو الاقتصادي ودعم القطاعات المساهمة في النمو، وتحديدا ذات القيمة المضافة على الاقتصاد.
على الحكومة تقديم إجابات لبعض الاستفسارات، ومنها: ما قيمة الإيراد المتأتي للخزينة من القانون الجديد؟ وهل سيعاد النظر بنسب ضريبة المبيعات في ظل القانون الجديد؟ وما حجم مساهمته في الحد من التهرب الضريبي وزيادة قيمة الإيرادات المتوقعة. وهل سيعاد النظر بالضرائب الخاصة، مثل تلك المفروضة على المشتقات النفطية، لتخفيف العبء عن دافع الضريبة؟
الإصلاح الاقتصادي العادل الذي ينشده المجتمع لا يتوقف عند قانون الضريبة، بل يجب وضعه ضمن باقة من الخطوات التي تدلل على أن خطط الحكومة للإصلاح لا تقتصر على رفع الأسعار.
jumana.ghunaimat@alghad.jo
الغد