بالفعل، و تحت تأثير المؤسسات الدولية، ادرجت الحكومة ضمن مسودة قانون ضريبة الدخل تخفيضا لسقف اعفاء الافراد من 12 ألفا الى 9 آلاف للأعزب، و من 24 ألفا الى 18 ألفا للعائلة.
سيكون إقرار هذا التخفيض المقترح في مسودة القانون بمثابة محاولة جدية لطمس معالم الطبقة الوسطى في المجتمع الاردني، بعدما تعرضت هذه الاخيرة الى سنوات عجاف راكمت من اعبائها وقلصت من امكانياتها.
الجهات التي ضغطت باتجاه التخفيض، نسيت او تناست جملة من الوقائع الاقتصادية و الاجتماعية لينتهي الامر الى مشروع قانون يتعامل مع الاقتصاد الاردني كنموذج رقمي رياضي أعمى يسعى فقط الى زيادة عائدات الضريبة بعيدا عن الالتفات الى اي اعتبارات او تداعيات اخرى.
فمن جهة، يغفل التخفيض ومن دفع باتجاهه، أن الطبقة المتوسطة في المملكة لا تحظى بخدمات تعليمية و صحية تضاهي تلك المقدمة بالمجان لأبناء هذه الفئة في الدول التي تتشدد في منح اعفاءات ضريبة الدخل.
من جهة أخرى، يتجاهل تخفيض سقف الاعفاء الضريبي، مستويات التضخم التي جابهت دخل الفئة المتوسطة المعفاة خلال السنوات السابقة، خصوصا وأن معظم المؤسسات لا تلتزم بربط اجور عامليها بالتضخم.
أي أن المعيل ذا الــ24 ألف دينار سنويا قد فقد من قيمة دخله ما لا يقل عن 15 بالمئة خلال السنوات المنقضية نتيجة التضخم المصحوب بثبات الدخل، ليأتي القانون في 2013 و يغرمه 10 بالمئة على شكل ضريبة و 10 بالمئة أخرى هي مستوى التضخم المتوقع هذا العام.
من المدهش أيضا أن ما سيترتب على تخفيض سقف الاعفاء لصالح الخزينة لن يتجاوز بأفضل الاحوال 50 مليون دينار، وهو ما يمكن تحصيله من خلال بعض التشديد على المكلفين المتهربين من دفع الضريبة أو من خلال تخفيض بسيط في الهدر المالي لبعض بنود الموازنة.
لقد تعرضت الطبقة الوسطى الى صدمات متتالية في السنوات الخمسة الاخيرة ابتداء من خسارة مدخراتها في السوق المالي، مرورا بالأزمة العالمية وما رافقها من تراجع في سوق العمل ونمو في مستويات البطالة، وانتهاء باستثنائها من دعم المحروقات و نية الحكومة شملها في رفع تعرفة المياه والكهرباء.
بيد أن جميع ما سبق ذكره من حقائق ومعطيات لم يشفع لهذه الطبقة الحيوية أمام حصانة غير مسبوقة للتهرب الضريبي المقدر بـــ 800 مليون دينار سنويا، في مفارقة عجيبة أمل أنها لا تعكس رغبة مبطنة بطمس الفئة المتوسطة من المجتمع.
a.alzoubi@alarabalyawm.net