عمون - خطف الخلاف بشأن المقعد السوري في القمة العربية الـ24 بالدوحة الأضواء من ملفات أخرى لا تقل سخونة وأهمية في مقدمتها القضية الفلسطينية، وتطوير جامعة الدول العربية، بالإضافة إلى العديد من الدول التي جاءت ومعها أزماتها الداخلية طالبة الحل والمساعدة خاصة تلك التي لم تفق بعد من مخاض الربيع العربي وسقوط أنظمة حكم عتيدة مثل تونس ومصر وليبيا واليمن.
وبينما يبقى الملف الفلسطيني البند الدائم على جدول الأعمال, ظهر السوري ليحتل مكانا بارزا مع اشتعال الوضع في سوريا وتزايد المتناقضات التي بلغت ذروتها بالخلاف حول تمثيل سوريا، إلا أن التوافق تم في النهاية على منح المقعد للمعارضة رغم تحفظ الجزائر والعراق وتأكيد لبنان نأيها بنفسها عن الأمر.
وخلال الاجتماعات التحضيرية ظل الوضع غامضا رغم اختيار الائتلاف الوطني رئيس الحكومة المؤقت غسان هيتو لتمثيل سوريا، إلا أن رئيس الائتلاف الوطني أحمد معاذ الخطيب، فاجأ الجميع باستقالته بينما أكد الجيش السوري الحر رفضه تمثيل هيتو الذي لم يتمكن من تشكيل الحكومة حتى الآن حيث أمامه مهلة ثلاثة أسابيع لتشكيل حكومة من 12 عضوا.
وقد كشف الخطيب في تصريح للجزيرة عن تقدمه بقائمة مطالب لم يبت فيها داخل الائتلاف منذ أكثر من شهر تتعلق بطبيعة تمثيل التيارات والقوى المختلفة المشاركة بالائتلاف، وذلك بهدف تحسين مستوى أدائه. كما قال إنه اتخذ قرار الاستقالة انطلاقا من معاناة الشعب السوري دون أن يلتفت للحرج الدولي أو الإقليمي.
كما تحدث عن ضرورة وجود التزامات واضحة بدعم الشعب قائلا إن "الشعب السوري يمر بمرحلة غير مسبوقة ولا نجد مواقف واضحة". كما نفى الخطيب أن تكون استقالته بسبب اختيار هيتو لتمثيل الحكومة بالقمة مشددا على أنه يحترم قرار المجموع بهذا الصدد.
وكانت الجامعة العربية قد علقت عضوية سوريا بسبب رفض نظام الرئيس بشار الأسد خطة لوقف العنف. كما اعترفت الجامعة بالائتلاف الوطني "ممثلا شرعيا" للسوريين, لكن بقيت عدة دول بالجامعة تقيم علاقات دبلوماسية مع سوريا، مثل لبنان والجزائر والسودان والأردن ومصر واليمن والعراق وسلطنة عُمان وفلسطين.
الربيع العربي
في هذا السياق يرى رئيس تحرير بوابة الأهرام عبد الله عبد السلام أنه "لا يجب أن يسمح بخطف القمة لصالح أزمة المقعد السوري" على حساب باقي الملفات، مضيفا أن تلك الأزمة لا يجب أن تأخذ حيزا أكبر من حجمها "فحسم من يمثل سوريا بهذه القمة لن يقدم أو يؤخر كثيرا بالنسبة لثورة السوريين بل ربما يفاقم الخلافات".
واقترح عبد السلام في حديثه للجزيرة نت أن يركز القادة العرب جهودهم باتجاه ممارسة الضغط على المعارضة السورية لتوحيد الصف وتحقيق إنجازات على الأرض داخل سوريا، بدلا من تركيز الخلاف حول من يجلس بالمقعد السوري.
ويشير إلى أن القضية الفلسطينية على سبيل المثال تمر بمنعطف خطير مع صعود المستوطنين ومن يمثلهم إلى الحكومة الإسرائيلية، ومع التهديدات المتصاعدة بشأن تهويد القدس.
كما يقول رئيس تحرير بوابة الأهرام إنه من الضروري الالتفات إلى دول الربيع العربي التي تواجه انهيارا اقتصاديا يهدد ثوراتها مثل مصر وتونس، مشيرا إلى حاجة البلدين لمساعدات عاجلة وحقيقية.
في مقابل ذلك قال الكاتب والمحلل السياسي جورج سمعان للجزيرة نت إنه لا شيء أهم من الملف السوري بالمرحلة الحالية. وقلل من خطورة الخلاف بشأن تمثيل هيتو لسوريا بالقمة العربية قائلا إن هذا الأمر حسم بالفعل.
ومع استمرار الجدل بشأن المقعد السوري يبقى هنا ما دار ويدور بأروقة الاجتماعات التحضيرية وكواليس القمة العربية بالدوحة عن آلية التحرك لدعم الشعب السوري, وهو ما عبر عنه رئيس الائتلاف الوطني المستقيل معاذ الخطيب في تصريح للجزيرة من القاهرة بأنه استقالته جاءت بسبب تقاعس المجتمع الدولي، قائلا "كل ما هو حاصل عبارة عن مؤتمرات ووعود، والمجتمع الدولي يتفرج على شعب يذبح يوميا ولا يتخذ موقفا من ذلك".
وطالب الخطيب بقرار يسمح للشعب السوري بالدفاع عن نفسه، قائلا "هناك من يريد محاولة حصار الثورة والسيطرة عليها، فمن هو مستعد لطاعة بعض الجهات الدولية سوف يدعمونه، ومن يأبى فله التجويع والحصار".
فهل تلبي القمة العربية تطلعات الشعب السوري بحقائق وإجراءات على أرض الواقع؟ أم تنتهي الاجتماعات بتكريس خلافات ظهرت بشكل مبكر للغاية بين أطياف المعارضة حتى قبل سقوط نظام الأسد؟. يبدو أن إجابة السؤال ستظل معلقة فترة طويلة ومرتبطة إلى حد كبير بحسم المعارك الدائرة على أرض سوريا أولا.
الجزيرة