دولة الرئيس ناقشهم في التشكيل
جميل النمري
25-03-2013 06:46 AM
كما في عهد الحكومات غير البرلمانية، بدأ إعلاميون يتنافسون في تسقط ونشر المعلومات عن التشكيلة الوزارية المحتملة، وكأن التشكيلة ستطبخ في غرفة مغلقة، وسنعرفها والفريق في طريقه إلى الديوان الملكي لحلف اليمين.
أين الحكومة البرلمانية إذن؟! ما تزال الثقافة القديمة تهيمن على الجميع، بما في ذلك الوسط النيابي. وبالفعل، فإن نوابا يتصرفون بنفس الطريقة؛ بتبادل المعلومات والتخمينات حول التشكيل المتوقع، وكأنهم ليسوا جزءا من القرار، بينما يقايض آخرون من وراء الستار، وفق ما يشاع، توزير محاسيب مقابل الثقة. أي إن الأمور تجري تماماً بنفس طريقة ما قبل الحكومات البرلمانية. ويتحمل النواب مسؤولية هذا المسار، بالتخلي عن دورهم الجماعي والمؤسسي في القرار بشأن التشكيل الوزاري.
لا أعرف ما إذا كان رئيس الوزراء المكلف، د. عبدالله النسور، يذهب بهذا الاتجاه؛ أي إنه لن يفتح الباب في اللقاءات مع الكتل لمناقشة التشكيل، ولا نعرف ما إذا كان سينظر أو لا ينظر في التنسيبات "الابتزازية" من وراء الستار. وقد يذهب إلى مشاورات شكلية، بينما التركيبة الفعلية سنعلم بها فقط بينما الوزراء في طريقهم لحلف اليمين، كما في الأزمنة الغابرة (والأزمنة الغابرة تمتد إلى بضعة أشهر خلت، أي مع آخر حكومة تشكلت).
في الأثناء، فإن الجديد الوحيد هو ظهور عرائض تدور على النواب، تأخذ تواقيعهم على اسم أو آخر تطلب توزيره لما يتمتع به من كفاءة، وسيرة مهنية رفيعة.. إلخ. وفي العادة، يكون نائب أو أكثر هو القائم على المبادرة التي تناشد بتوزير هذا الشخص أو ذاك، بدل أن يعمل كل نائب وداخل كتلته علنا من أجل ما يعتقده أفضل. وهذه ذروة الطرافة في ما تنحرف إليه فكرة الحكومة البرلمانية؛ إذ ننتقل إلى هذه الطريقة العجيبة لدفع الأقارب والمحاسيب إلى المنصب الثمين. وقد بدأ تسريب المعلومات المتهكمة على عدد التنسيبات من هذا النوع، ويقال عن رقم يفوق الألف. وأعتقد أنها أرقام غير صحيحة، فالعدد لن يزيد على بضع عشرات. لكن تداول هذه الأرقام هو أمر مهين للمجلس، والأسلوب من أساسه غير سوي، والتواقيع غالبا ما يجامل بها نوابٌ زملاءهم أو يتبادلون المعروف بالتوقيع على أسماء أقارب أو محاسيب للمنصب العتيد.
نعرف أن مفاوضات حقيقية حول الأسماء لا يمكن أن تتم إلا بوجود أحزاب برلمانية، تقايض عدد ونوع الحقائب مع بقية الكتل الحزبية لتشكيل حكومة ائتلافية، وهذا الأمر غير موجود عندنا. لكن مع ذلك، يمكن ضمن واقعنا الراهن أن نعمل شيئا محترما وإصلاحيا وديمقراطيا باتجاه الحكومات البرلمانية، وذلك بإخضاع التشكيل للتشاور مع الكتل النيابية، وفق ما ورد في الأوراق النقاشية التي طرحها جلالة الملك، ووفق التوجيهات الملكية للرئيس المكلف. حيث يستعرض الرئيس مقترحاته للتشكيل مع الكتل، ويستمع إلى تقييمها وآراء أعضائها، ويعدل الرئيس التركيبة حيثما ظهر توافق بهذا الاتجاه أو ذاك، وخصوصا من قبل الكتل التي تتجه إلى إعطاء الثقة.
ولا بأس أيضاً أن تقدم كل كتلة أسماء مقترحة جديدة أو بديلة إذا وجدت إلى الطريق الصحيح سبيلا، فتتم مناقشة الأسماء والحقائب المحتملة فوق الطاولة بين الجميع، بموضوعية وبعيدا عن المحسوبية والمصالح الخاصة.
وأعترف سلفا أن هذا صعب الآن، لكنّ الحدّ الأدنى الذي لا يجوز التنازل عنه هو إخضاع التشكيل للمناقشة والتداول مع الكتل فوق الطاولة في الاجتماعات. ويجب أن يقدم الرئيس على هذه الخطوة التي ستعطي معنى الاقتراب من فكرة الحكومات البرلمانية، التي أشهر غيرةً وحرصا شديدين على إنجاحها في حواره الأول مع الكتل.
jamil.nimri@alghad.jo
الغد