لا يوجد - كما تشير التسريبات - أية اختراقات «نوعية» في تشكيلة الحكومة القادمة، لكن من المتوقع ان تكون ثمة «تغييرات» واضحة في خريطة «الأسماء» خارج الحكومة، وربما في مواقع مهمة.
لا شك أن انظار الناس تتجه نحو «تغيير» الصورة، لكن الأهم من ذلك هو انتظارهم «لمبادرة» جادة تنهي حالة القطيعة والجفاء بين مكونات الوطن الواحد، وتبني مرحلة جديدة من «الثقة» بينهم، وتؤسس «لتفاهمات» صحيحة تحسم الجدل الدائر بين مختلف الأطراف الفاعلة في المشهد السياسي.
لم يعد الناس يراهنون على المشاورات النيابية، فقد جربوا على مدى العامين المنصرمين «النواب» والأفعال، واكتشفوا أن مشوار الإصلاح ما زال طويلا، وان بعض المسؤولين - سامحهم الله - أخطأوا بتشخيص الوضع.. أو تعاملوا معه بمنطق «اللاهتمام» ومع ذلك تحملوا والتزموا الهدوء والعقلانية، وكان أقصى ما فعلوه أنهم «اصروا» على المطالبة بالإصلاح، وانتظروا لحظة الفرج، لكن ما حدث تجاوز الهواجس والمخاوف على علاقة المجتمع بالحكومات والمؤسسات، الى علاقتهم مع «الدولة» والوطن، الأمر الذي استدعى اعادة النظر فيما جرى، والبحث عن «مبادرات» حقيقية تعيد هذه العلاقة الى عنوانها الصحيح، وتبدد ما تراكم من «سوء فهم» او غبش او محاولات «تعكير» للصفو الوطني، لكي نضمن السلامة لبلدنا ونتجاوز جميعا محطة «الترقب» والمراوحة، بكل ما فيها من مخاوف واشتباكات، الى مرحلة «انتقالية» تحافظ على السلم الداخلي والثقة المطلوبة بين ركائز الوطن ومكوناته وشرعيته السياسية.
ما الذي يمنع «الحكماء» في بلدنا اليوم من الجلوس على طاولة «الحوار» لطرح مثل هذه المبادرة، وما الذي يمنع مجتمعنا من «التوافق» على خطة للخروج من «الأزمات» التي تطاردنا، ولماذا آثر البعض الهروب او الاختفاء او الانشغال فيما الناس ينتطرونهم لمعرفة ما يجري وفهم ما يمكن أن يحدث، أو لتبديد حالة «اليأس» التي اصابتهم، او لتحديد تجاه البوصلة نحو المصلحة الوطنية التي لا يختلف عليها إلا الذين اخذتهم حساباتهم الى مناطق أخرى لا علاقة لها بالبلد ولا بأهله.
اعتقد ان بيننا من «الحكماء» من يفكر بذلك، ومن يسعى الى «دق» الجدران من داخلها لكن نجاح هؤلاء سيتوقف على رغبة الجميع بفتح لواقطهم للاستقبال، وارادتهم لتجاوز الحالة بحلول مقنعة، لا سيما أن أمامنا اياما صعبة لا يمكن ان نواجهها دون «توافق» وطني، ومصالحات عامة، ومنطق يعتمد الانتصار للمصالح الآنية او «العناد» والتحدي لأسباب غير مفهومة.
باختصار، دقت ساعة «المبادرات» والوطنية، وآن أوان تغيير»الصورة» في الوجوه والسياسات معا، وأصبح مطلوبا من الجميع أن «ينزلوا من فوق الشجرة» وان يبحثوا عن «الوطن» العزيز الذي لا قيمة لأحد بدونه.
الدستور