مشاورات الرئيس والنواب .. هل تنضج الفكرة
د. اسامة تليلان
23-03-2013 11:13 PM
ما يدور الان على ساحة البرلمان والحكومة لا علاقة له من قريب اوبعيد بفكرة الحكومات البرلمانية، التي لا تعني باي حال من الاحوال توزير النواب لاجل التوزير.
تشاور جلالة الملك مع المجلس من اجل اختيار الحكومة القادمة رئيسا واعضاء، انما يحقق امرين الاول تاكيد توجهه نحو تنازله عن صلاحياته في اختيار الحكومات والثاني ان يبدأ البرلمان في الدخول في مرحلة اختيار الحكومات واعضائها لغايات انضاج الفكرة وليس لغايات سحبها عن مسارها، ولوضع البرلمان امام مسؤوليته في اختيار الحكومة.
توزير النواب في الحكومات البرلمانية المستقرة له اصل واضح ذلك ان الحكومة التي تشكلها الاغلبية الحزبية في البرلمان لديها برنامج انتخبت من اجل تنفيذه، وادخال الوزراء الى الحكومة ياتي في احد ابوابه من اجل تمكين فريق الاغلبية من تنفيذ برنامجه وتحمل المسؤولية عنه، وتحت مراقبة الاقلية البرلمانية ( حكومة الظل ). ليصبح عندها مبدأ المراقبة والمحاسبة من قبل الاقلية على الاغلبية فاعل الى درجة كبيرة وقادرة على نقل تنافس الكتل البرلمانية الحزبية على اساس من يستطيع ان يحقق المصالح العامة للوطن والمواطن ومن يستطيع ان يحافظ على هذه المصالح.
وبالحالتين فان التنافس يسعى الى كسب رضى الناخبين على المستوى الوطني والى توفير ضوابط على اداء النواب.
في حالتنا الاردنية الراهنة، فان الركائز الاساسية لتوزير النواب لم تتوفر فليس لدينا كتل حزبية تشكل اغلبية برلمانية، والكتل التي تنشئ تحت قبة البرلمان بدون احزاب ليست بديلا موضوعيا لتحقيق فكرة الحكومات البرلمانية، فلا برامج انتخبت لاجلها ولا مؤسسات حزبية انبثقت عنها حتى يتمكن الناس من محاسبتها ومتابعتها.
توزير النواب في هذا المجلس الذي يعول عليه كثيرا في خروج البلاد من ازمتها السياسية وسيرها على طريق الاصلاح، كفيل بان يردم هذه الفكرة، فالناخبين من الان ليسوا مع توزير النواب ويرون ذلك من باب المكافأت المنفعية للحصول على الثقة من جانب ولترويض المجلس من جانب اخر، مما يعني العودة الى الصيغة السابقة للحكومات والمجالس، والكفيلة بان تعصف بجهود الاصلاح السابقة وبشعبية المجلس الحالي لتعيدنا الى المربع الاول.
يحسن رئيس الوزراء مهما كانت نتائج جلسة ثقة مجلس النواب ان عمل على تشكيل فريق بدون نواب، ويحسن اكثر مع مجلس النواب ان كان واضحا من بين خياراتهم وزراء حزبيين وناشطين بارزين في مؤسسات المجتمع المدني وذوي كفاءات واهلية اجتماعية، ويحسن المجلس وكتله ان تفرغوا لمتابعة اداء الحكومة، وخلق صورة جديدة للمجلس تعزز من مسار الثقة فيه، وان يتفرغوا للخروج بقانون انتخاب حزبي يؤدي الى قيام حكومات برلمانية.
النتائج المترتبة على توزير النواب في هذه المرحلة قد تكون كنتائج القائمة الوطنية في قانون الانتخاب عندما لم تربط بالاحزاب، فبدل ان تقوي الاحزاب فقد فجرت بعضها ودفعت ببعضها الاخر الى الموت البطيئ.