من عمان: أوباما بين الأسد و اسرائيل
د. عامر السبايلة
23-03-2013 04:47 AM
• أوباما يُذكر الملك عبد الله الثاني ممتدحاً "أنت اول من طلب من الرئيس بشار الأسد التنحي." في عبارة تفتح باب التساؤلات عن طبيعة الضغط الأمريكي الساعي الى اعادة رسم الموقف الأردني ضمن اطار جديد.
انتهى المؤتمر الصحفي الذي عقده الرئيس الامريكي و العاهل الأردني. بالرغم من الاجواء الودية التي بدت طاغية الا ان الرئيس الأمريكي استطاع تمرير رسائله بدبلوماسية عالية. الرسائل الأمريكية -باختصار- اقتصرت على محورين: الجبهة الشمالية و الضفة الغربية. اعادة رسم العلاقة مع سوريا, و الدعوة الى التطبيع مع الكيان الاسرائيلي.
على صعيد العلاقة مع سوريا, أبدى الرئيس الامريكي تفهماً للموقف الأردني و مخاوفه المشروعة, الا انه و في نفس الوقت حدد المساحة التي يجب ان يناور فيها الملك الأردني مستقبلاً بالقول, لقد كنت اول من طلب من الرئيس السوري التنحي, و بالتالي فان الرئيس الامريكي ينظر الى التسوية في سوريا ابتداءً من هذه الزاوية, و هذا ما قد يفسر لاحقاً تكراره لكلمة "تنحي الأسد." الملك عبد الله الثاني لم يستطع ان يخفي ملامح الاستغراب التي احتلت وجهه من طبيعة هذا التذكير. مع ذلك اصر الملك على التركيز على المخاطر القادمة من تعطيل الحل في سوريا, و بدا واضحاً ان الملك عرض رؤيته بعمق تجاه هذه الأخطار التي بدأت تطل برأسها في الاقليم من الارهاب الى التقسيم الطائفي. أوباما أصر أيضاً على تقديم دعم مادي لمساندة الأردن في مسألة اللاجئين. هذا التبرع قد يُفهم على انه دعوة للاطراف الأخرى (الخليجية) بالتبرع, إلا أن هذا التبرع الأمريكي بمبلغ 200 مليون دولار من اجل دعم اللاجئين, قد يكون ناتج عن مراهنة أمريكية على استمرار تدفق اللاجئين مما يعني تفاقم المعاناة الأردنية على جميع الأصعدة.
مسألة أخرى مانت ملفتة للنظر و ارتبطت بموضوع الاصلاحات السياسية في الاردن التي تعامل معها الرئيس الامريكي بصورة سطحية و أصر ان يأتي على ذكرها عبر تعبيرات توضح ان الملك عبدالله قدم له عرضاً للخطوات الاصلاحية التي قام بها الأردن, بطريقة أظهرت ان موضوع الاصلاحات السياسية في الاردن لم يوضع على رأس اجندة زيارة الرئيس الأمريكي. هذا ما قد يفسر عدم قيام الرئيس الأمريكي بأي زيارة قد توحي بمباركة سياسية للخطوات الأردني, كخطاب في البرلمان على سبيل المثال.
الحقيقة, ان أغلب المحللين اتفقوا في النهاية ان جدول اعمال اوباما تم ضبطه على الساعة الاسرائيلية. فالرئيس الأمريكي بدا و كأنه يزور اسرائيل مكفراً عن ذنب اقترفه سابقاً باستثناءه اسرائيل من زيارته الأولى للمنطقة. لكن هذه الزيارة أوضحت ان أوباما يسعى جاهداً لتقديم خدمات حقيقية لحكومة نيتنياهو التي تم تشكيلها تزامناً مع وصول أوباما. أمور أخرى ظهرت مع وصول اوباما الى المنطقة, منها سعي الادارة الأمريكية لبناء تحالفات ديبلوماسية في المنطقة تخدم الرؤية الاسرائيلية في موضوع التسوية و الحل النهائي للقضية الفلسطينية بالاضافة الى التسوية السياسية في سوريا. أولى نتائج هذه المحاولات تمثلت بعودة العلاقات الدبلوماسية مع تركيا, فمن الواضح ان الولايات المتحدة عملت و تعمل على تهيئة الارضية المناسبة لحكومة نيتنياهو الجديدة لتتجاوز اخطاء حكومته السابقة التي اتسمت بالعنجهية المفرطة و فضلت التقوقع و الانغلاق. لهذا فمن المتوقع ان تلعب الحكومة الاسرائيلية في هذه المرحلة دور "حكومة التسوية", و هذا يحتاج –بلا شك- الى تهيئة مساحة مناسبة من التطبيع مع المحيط العربي, و الذي لم يتردد الرئيس الأمريكي بطلبه صراحةً و هذا سيعمل على توظيف الأردن من اجل هذه المهمة.
بالعودة الى الواقع الأردني, قد لا تمثل الرؤية التي عبر عنها الرئيس الأمريكي للتسوية في سوريا عن أي مصلحة استراتيجية أردنية, خصوصاً في موضوع تبني مبدأ اشتراط التسوية بإسقاط الأسد, و قد يُحدث الانسياق وراء التصور الأمريكي المتقلب تداعيات خطيرة على الداخل الأردني , ذاك انه يضع الأردن في مواجهة تحدي حقيقي لا يتمثل فقط بتدفق ملايين اللاجئين فقط, بل بمواجهة حقيقية ذات طابع امني و عسكري قد يدفع الأردن فيها الثمن وحيداً.