في قانون الدين العام مادة تحظر على الحكومة أن تلتزم بمديونية تزيد عن 60% من الناتج المحلي الإجمالي وتنص المادة على حق مجلس الوزراء في تحديد تاريخ بدء سريان تطبيق هذه المادة، وحصل ذلك فعلاً، لكن حكومة لاحقة عندما اوشكت على تجاوز السقف اتخذت قراراً بتأجيل البدء بتطبيق هذه المادة، وليس معروفاً ما إذا كان يحق لها اتخاذ مثل هذا القرار أم أنه يقع باطلاً.
من الناحية العملية تم تجاوز السقف المقرر منذ سنوات، وزاد حجم المديونية عن 75% من الناتج المحلي الإجمالي، مع نهاية عام 2012.
لم ينص قانون الدين العام على عقوبة معينة لمخالفة المادة الخاصة بسقف المديونية، وحيث أنه لا عقوبة بدون نص، فإن السقف القانوني للمديونية لا يزيد عن هدف تأشيري ملزم أدبياً.
خلال فترة تطبيق برنامج التصحيح الاقتصادي الأول 1989-2004 كانت نسبة المديونية إلى الناتج المحلي الإجمالي في تناقص مستمر سنة بعد أخرى ابتداءً من 180% وصولاً إلى 60%. وفي حينه طالبنا بتعديل القانون واستهداف نسبة أقل للمديونية مثل 50%، ولم نكن نتوقع أن يحدث انفلات مالي بمجرد انتهاء البرنامج، فتسير الامور بالاتجاه المعاكس.
كان خصوم ونقاد برنامج التصحيح الاقتصادي يقولون أن المديونية، وإن كانت قد انخفضت كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي إلا أنها لم تنخفض بل ارتفعت بالأرقام المطلقة. وهذا صحيح ومعناه أن المديونية كانت ترتفع بمعدل يقل عن معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي.
النص القانوني على سقف المديونية لم يخدم غرضاً، بل خلق مشكلة، ليس في الأردن فقط بل في كل بلد جرى تطبيقه مثل الولايات المتحدة، فالمفروض منع السلوك الذي يؤدي إلى تضخم العجز في الموازنة وبالتالي المديونية، أما عند الوصول إلى السقف فمن المستحيل التوقف عن الاقتراض تحت طائلة التوقف عن الدفع وحدوث أزمة، فليس هناك طريقة لتمويل العجز بغير الاقتراض.
إذا أراد مجلس النواب أن يضبط الدين العام ولا يسمح له بتجاوز نسبة معينة من الناتج المحلي الإجمالي، فالحل المناسب هو ضبط الموازنة العامة، فلماذا يجيز المجلس موازنة وملاحق تؤدي إلى عجز كبير طالما أن العجز ُيغطى بالمديونية.
ارتفاع نسبة المديونية إلى الناتج المحلي الإجمالي نتيجة وليس سبباً، أما سبب المديونية فهو عجز الموازنة العامة من جهة وكفالة ديون الوحدات الحكومية المستقلة من جهة أخرى.
الرأي