مع تسارع الأحداث وكثرتها وأهميتها أجدني مضطراً بين فينة وأخرى لإرسال البرقيات لمن يهمه الأمر داخلياً وخارجياً، فقد ثبت لكل متابع أن كل الطنطنة حول الحكومة البرلمانية ما كانت إلا رصاصاً فارغاً فليس الرئيس المكلف من البرلمانيين " نواباً وأعياناً " وها هو الآن يعلن أن لا مجال للنواب في الحكومة!!! ففيم كل هذه اللقاءات والحوارات إذا كانت النتيجة محسومة سلفاً. وهي نتيجة منطقية تنسجم مع حالة غياب الأحزاب عن البرلمان وعدنا إلى المفهوم الاستنتاجي من أن كل حكومة تحصل على ثقة النواب هي حكومة برلمانية، وهذا اختراع أردني لمفهوم الحكومة البرلمانية إذ تفهم كل شعوب الأرض أن الحكومة البرلمانية هي التي يشكلها الحزب الأكبر في البرلمان وهذا يتطلب من الأردن إذا كنا مقتنعين بالفكرة أن نعدل قانون الانتخاب لنصل إلى برلمان حزبي وبالتالي حكومة برلمانية قد يكون النواب وزراء فيها وقد يكون الوزراء من أحزاب النواب، وبغير ذلك لن تتحقق لنا حكومة برلمانية.
يؤكد لنا وزير العمل النشيط أن معدل البطالة أكبر من المعلن، وهذه شفافية مطلوبة وكنا نذكر هذا منذ عام 1999 يوم عقدنا المؤتمر الوطني للتشغيل ومكافحة البطالة، والسؤال المهم: هل ستحمل الحكومة الجديدة هذا الهم وتعطيه الأولوية وتقدم على عمليات جراحية في التعليم الجامعي باعتبار الجامعات هي التي تخرج بهذه التخصصات جيوش البطالة هذا ما نأمل وسنرى.
نتحدث عن وجود ذمم لأمانة عمان على المواطنين بالملايين وهذا حق، ولكننا لا نتحدث عن ذمم المواطنين على المؤسسات العامة، فالخدمات ليست كما يجب، هناك مدن وأحياء بلا ماء ويتحمل الناس نفقات شراء المياه من مافيا الآبار التي أعطيت محسوبية لمتنفذين أو مقربين ليبيعوا لنا الماء ويصيروا تجار حرب من جيوبنا، وهذا ملف يحتاج إلى أن يفتحه المخلصون من النواب والأحزاب والمسؤولين، وماذا عن الذمم البيئية للمواطن على المؤسسات العامة؟ لقد أصبحت مدننا مكاره صحية، فأين الذين يبحثون عن ذمم لدى المواطنين ليدفعوا هم للمواطن حقوقه وذممه عليهم على قاعدة الغرم بالغنم.
وما دمنا نتحدث عن حقوق المواطنين فمن المسؤول عن انجراف بعض شبابنا وتيههم والتضليل الذي يمارس على دينهم وفكرهم باسم " عبادة الشيطان " كل يوم يطلع علينا نسمع عن نشاط لهؤلاء الضائعين من دون أن نسمع صوتاً لوزارة الداخلية ولا وزارة الثقافة ولا وزارة التعليم العالي ولا وزارة التربية ولا وزارة الأوقاف ولا دائرة الإفتاء العام ولا التلفزيون ولا برامجه الدينية !! حتى صرنا نشعر أن شبابنا ضائع وقد تم تسليمه لجهات مشبوهة، ومن المؤكد أن الخيوط لو تتبعناها لوجدنا دولاً لها علاقة بالموضوع.
وأختم برقياتي للرفاق الذين سطلونا في الأسبوع الماضي بتمجيد كارل ماركس متسائلاً عن سر هذه الحفاوة والتكريم، مع أننا أمة الرسالات والحضارات وكل ما هو مفيد من الآخرين موجود في ثقافتنا، فالوقوف مع الضعيف والغلبان هو جوهر ديننا، ومقاومة الطغيان والإقطاع جزء كبير من ثقافتنا، والمجال لا يتسع لذكر ما يثبت ذلك " الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر " "العمل والكدح " " حب الله لليد الخشنة التي تعمل " "قطع يد السارق " " كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم، ""من أين لك هذا " "يموت الرسول ودرعه مرهونة "، عمر ينام في الشارع " اضرب ابن الأكرمين "، متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً "، وغيرها مما تزخر به ثقافتنا لو تمسكنا بها.
b.alomosh@alarabalyawm.net
العرب اليوم