دقّوا على الخشب .. أرجوكم !
عودة عودة
19-03-2013 08:03 PM
هل يمكن أن يكون العمر في التسعين يثير الدهشة إلى هذا الحد؟.. ما قرأناه عن الإنسان في هذا العمر أنه في أرذل العمر.. وفي سن السأم (ومن يعيش ثمانين حولاً لا أبالك يسأم)... لكنني أدير ظهري لكل هذه الأوصاف وأنا أشاهد أُناساً في مثل هذا العمر الطويل وفي أكثر من مناسبة مرفوعي الرؤوس المليئة «بالحلم الجميل» والمستقبل الواعد.
يحدث هذا في أكثر من مناسبة حاشدة، مؤخراً شاهدنا (نيلسون مانديلا) رئيس جنوب إفريقيا السابق يحضر مباراة لكرة القدم في بلده ، كما شاهدنا طيبا الذكر الدكتور يعقوب زيادين ومسلم بسيسو وهما يقفان كجبل الشيخ في إعتصام لنصرة الشعب الفلسطيني حيناً و الشعب العراقي حيناً آخر و في مناسبات وطنية أخرى كثيرة .
في هذه العجالة يطيب لي أن أتحدث عن نيلسون مانديلا... رجل فتح باب المستقبل لبلده جنوب أفريقيا ، بعد أن هَزم ومعه شعبه نظام الفصل العنصري الذي إستمر (350 ) عاماً ، سالت فيه دماءٌ زكية وجرائم عنصرية كبيرة إنتهت بالإنتصار والهزيمة للعنصريين مهما كانت ألوانهم وأشكالهم.
سرٌ تاريخي عن هذا الإنسان الرائع نيلسون مانديلا كشفه رئيس جنوب إفريقيا الأسبق (فردريك كليرك) ظل طي الكتمان نحو عشرين عاماً ولم يعرفه أحد إلا قبل أسابيع، فعندما إقتاد حُراسٌ أشداء مانديلا من سجنه المظلم الكئيب الذي أمضى بين جدرانه سبعة وعشرين عاماً، يقول الرئيس كليرك:- (عندما أحضر مانديلا وأصبح في حضرتي أثار دهشتي لأنه بدا غير متعجل لإطلاق سراحه وطلب مني إرجاء الأمر لإطلاق المفاوضات حول ترتيبات إنهاء الفصل العنصري في جنوب إفريقيا).
لكن ما أثار دهشة كليرك والدنيا كلها أنه بعد أربع ساعات من إطلاق سراحه لوّح منديلا «برمح الأمة» وقال في خطاب أمام الجماهير الغفيرة: (إن الأسباب التي إقتضت الكفاح المسلح لا تزال قائمة داعياً المجتمع الدولي للإستمرار في فرض العقوبات على النظام العنصري).
لقد حوّلت تلك اللحظة الحاسمة ( نيلسون مانديلا ) من سجين سياسي إلى رمز كوني للحرية والنضال والحكمة السياسية إلى جانب الزعماء طيبي الذكر مهاتما غاندي ومارتن لوثر كينج وجمال عبد الناصرو صدام حسين .
جميل أن يعترف الرئيس العنصري الأخير لجنوب إفريقيا فريدريك كليرك بعظمة منديلا ونضاله الحقيقي رغم الحكم عليه بالسجن مدى الحياة، ويعترف أيضاً أنه أطلق سراحه منعاً لكارثة طوافانٍ وشيك يمنع عقد مصالحة تاريخية بين الأفارقة والأقلية البيضاء.
ما يُدهش أكثر في مانديلا.. فبعد أن إنتهت ولايته لرئاسته الأولى لبلاده آثر العودة إلى منزله وتلك كانت أروع إنجازاته : العزوف عن السلطة وهو في أوج شعبيته ونجوميته .
لجميع الرجال الذين هم في التسعين وما حولها ويمنحوننا (الحلم) .. بالكرامة و الحرية و بالأمل وعلى رأسهم نيلسون مانديلا ألف تحية، وأرجوكم أن تدقوا على الخشب لهؤلاء.. الشيوخ الشبّان ..؟!
Odeha_odeha@yahoo.com