التصريحات الغريبة الاخيرة تستحق التوقف عندها لسببين , الاول انها تصريحات غاضبة وخارجة عن دائرة الحصافة السياسية حتى ممن يحظى بثقة جمهور من الناخبين , والثانية انها دعوة للعنف المرفوض على اي مستوى وفيها الكثير من غياب الحصافة والمنطق السياسي الذي يستوجب نقاش اي مؤسسة تحت قبة البرلمان سواء قبلنا بدور تلك المؤسسة او رفضناه فالرجل قانوني وعليه احترام التراتبية القانونية .
وعلى الفرض الساقط واستكمالا لنفس النهج القانوني فإن المجلس السابق او ايا من اعضائه لم يطلب تعليق الثقة بالحكومات التي منحها الثقة لحين الغاء دائرة المتابعة والتفتيش بما انه يحمل هذا التوجه لضرورة غياب الدائرة عن الوجود , وهي دائرة تحظى بود مقطوع من جمهور واسع يرى في وجودها تمييزا ضد مواطنين اردنيين بل انها دائرة مختصة بنصف السكان وبذلك تخالف منطق كل المؤسسات الوطنية من حيث الشكل وباتت بعبعا لنفس النصف من حيث المضمون .
فهي مؤسسة اسمها مرادف لسحب الارقام الوطنية وقلب حياة العائلات الاردنية وهي تعني لكثير من الأسر النوم على فراش من قلق كل تمديد او تجديد لجواز السفر وكل ذلك الوزر لا تتحمله دائرة المتابعة والتفتيش وحدها بل هي نتيجة لغياب نص واضح لتعليمات قرار فك الارتباط وعدم قوننة الفك او دسترته .
بعض النواب يحاولون استرضاء اصوات , استنزفتها المتابعة والتفتيش بغياب التعليمات الواضحة وكثير من التعليمات السرية لكنهم خاطبوا الاصوات المُستنزفة على طريقة افلام الرعب , فأرعب المُستنزفين وأرعب الجالسين على فراش الوطن كله , وخسر الجميع, فالنقاش المطلوب الان هو نقاش يفضي الى مرحلة سلم اهلي وليس تصريحات تبعث على القلق .
بل ولجت بعض التصريحات الى مساحة عقيمة ومرتبكة من المحاصصة السياسية المرفوضة شكلا وموضوعا , فالمحاصصة هي اصل الازمة وبيت الداء للوطن بكل اطيافه وتلاوينه , فلا تقدم سياسيا ولا حياة لمواطنة كريمة مع بقاء المحاصصة وقد مللنا من تكرار ان شخصية مثل محمد التل في الاعلام او فهد الخيطان تعبران عن كل ما يجول في وجدان وخاطر المواطن من العقبة الى عقربا وهما اقرب الى ابناء المخيمات من كتاب نموا وعاشوا في المخيم , ولا ابالغ ان قلت ان طاهر المصري ومحمد صقر اقرب الى ابناء الكرك وغيرها من المحافظات الكريمة من اي شخصية تنتمي الى تلك المحافظة .
دائرة المتابعة والتفتيش نتيجة وليست سببا في حالة القلق الوطني , ووجودها تعبير عن ارتباك سياسي حيال ملف طوته الظروف السياسية والواقع الفلسطيني الذي يسعى الى تحقيق حلمه بالدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وبقاء الارتباك هو من يفتح النوافذ والابواب لولوج تجار المحاصصة وتجار المواطنة , وهو الذي يُبقي الجرح مفتوحا واخضر وآن الاوان لاغلاق هذا الباب وتسكير النوافذ بإعلان دسترة فك الارتباط وتوضيح تعليماته بشكل جلي ودون لجلجة او تأتأة , والى حين الوصول الى تلك المرحلة فإن مطلب الغاء الدائرة يبقى في عهدة مجلس الوزراء وموقف مجلس النواب بتحديد تعليمات فك الارتباط وتطبيقاته والغاء كل اشكال العبث بحياة المواطنين وتركهم فريسة للمزاجية او الفساد .
تصريحات الرعب والفتنة مرفوضة وما هكذا تُشترى الشعبية عبر العبث بعواطف الناس او استفزاز مشاعرهم , رغم تحفظي على تعليمات فك الارتباط وتعليماتها السرية , فلا احد سيقبل التوطين او الوطن البديل .
omarkallab@yahoo.com
الدستور