يغضب بعض تجار المواد الغذائية ، حين تقوم الجهات الرسمية ، بمصادرة المواد التي يتم عرضها ، على البسطات ، خصوصا ، في منطقة وسط البلد ، وفي المخيمات ، وفي مواقع اخرى.اذا كان هؤلاء يشعرون بالغضب ، فاننا نشعر بالامتنان الى الجهات الرقابية ، التي تقوم بجولات التفتيش ، ولو عادت الجهات الرقابية ، الى مناطق مثل وسط البلد ، والمخيمات ، وبعض احياء عمان الشرقية ، والاغوار ، وبعض المناطق في المحافظات ، لاكتشفوا ، ان بيع المواد ما يزال مستمرا ، خصوصا ، بعد عصر كل يوم ، اعتقادا من الباعة ، ان من يراقب ينتهي دوامه ، واذا ذهبنا على سبيل المثال ، الى وسط عمان ، لاكتشفنا ، ان ما يحدث من عصر الخميس ، وصولا الى يوم الجمعة ، وحتى يوم السبت ، هو امر غير مقبول ، ابدا ، اذ ان هناك مواد غذائية ، منتهية ، ربما ، وتم الصاق تواريخ جديدة عليها ، او محو التواريخ القديمة ، التي تدل على انتهاء الصلاحية ، وهناك مواد غذائية يسهل تزوير صلاحيتها ، مثل الاسماك المجمدة منذ الف عام ، واللحوم القديمة ، ويضطر الفقراء للشراء منها ، وهم لا يعرفون انهم يشترون سما ، لا شك فيه.
الجهات الرقابية ، عليها ، ان تزيد عددد كادرها ، وان يكون دوامها مفتوحا ، على فترات ، وان تتواصل هذه الحملات ، فتحويل البلد ، الى معدة لنفايات الغذاء ، هو جريمة بكل المقاييس ، وهذه الاغذية التي نراها ، في الاسواق الشعبية ، لو حاول احد تصديرها ، لما دخلت الى أي بلد غربي ، فهي ستفشل في جميع الاختبارات التي ستجري عليها ، واذا كان كثيرون يشترون مواد غذائية معلبة او مجمدة ، ويعرفون ان مواد الحفظ تضر اصلا بالصحة ، في الوضع العادي ، كما ان هناك مواد حافظة ، تم الغاؤها دوليا ، وما زالت موجودة في سلع غذائية ، يتم بيعها ، للعالم الثالث ، للتخلص منها ، ومع كل ما سبق ، نتناسى ان بيع مواد غذائية اقترب تاريخ فسادها ، يعني ببساطة ان العائلة ستخزن هذه المواد ، لفترة زمنية ، اضافية ، ولن تنتبه العائلة ، لتاريخ الاستهلاك ، مما يعني انها قد تستهلك ، مواد فاسدة.
على الجهات الرسمية ، ان تعيد النظر بأسس دخول المواد الغذائية ، فلماذا يتم قبول بعض السلع ، وتدخل الاسواق ببساطة ، في حين ان ذات السلع لا تنجح في الفحوصات التي تجري في دول غربية ، وهذا يعني ببساطة اننا نطبق معايير قديمة ، او معايير غير دقيقة ، او اننا نتعامى من اجل دخول سلع رخيصة ومضروبة في حقيقتها.
غضب التجار ، ام لم يغضبوا ، فان حملات التفتيش يجب ان تجري طوال اليوم ، وفي ساعات العصر والمساء ، وفي ايام الاجازات السنوية والاسبوعية والاعياد ، وان يجري التفتيش على مخازن التجار ، ضمن خطة ممنهجة ، لتنظيف السوق من السلع الفاسدة ، وقد تكون الاستعانة بالامن العام والجيش ، عبر استعارة الكفاءات في المؤسستين لفترة وجيزة ، امرا مناسبا لاطلاق حملة تفتيش كبرى ، في توقيت واحد ، وان يتم وضع حوافز مالية ، تشجع كل من يقدم معلومات ، حول وجود مواد فاسدة ، او قريبة انتهاء الصلاحية ، فالامر يقترب من حدود الدعوة الى عمل مؤسسي منظم وضخم ومتواصل ، بدلا من الهبات التي تعود عليها التجار ، ويعرفون انها تبدأ ثم سرعان ما تختفي.
لا بد اذن ، امام هذه المشاكل ، ان تراجع الجهات الرسمية ، اسس فحص المواد الغذائية ، واذا كان كان هناك نقص في اجهزة الفحص او مستواها العلمي ، ولا يوجد تمويل لتطوير هذه الاجهزة ، فليتم اعلان ذلك بصراحة ، والبحث عن ممولين عبر دعم القطاع الخاص ، او الاقتراض ، او أي حل اخر.
لا تجعلوا البلد ، مجمعا للمواد الغذائية ، المشكوك فيها ، وعلى من يسعى الى ذلك ان يبحث عن وطن اخر ، يضر اهله ، كما يشاء.