الحكومة اتخذت قرارا بتحديد العطل الرسمية في المناسبات الرسمية والاعياد الوطنية والدينية، والهدف زيادة ايام العمل والانتاجية، ومن المناسبات التي تم الغاء الاجازات فيها عيد ميلاد الملك وذكرى ميلاد الحسين رحمه الله وذكرى الاسراء والمعراج، وهنا مطلوب من الحكومة ان تكمل المشوار واصدار قرار يمنع المؤسسات الرسمية من وزارات وبلديات وهيئات من استمرار انفاق الاموال على اعلانات التهاني الرسمية في هذه المناسبات وغيرها.المفارقة ان البلديات التي يشكو معظمها من قلة المال تتسابق في كل مناسبة إلى نشر إعلانات التهنئة، وإذا كان الملك قد أمر بإلغاء عطلة عيد ميلاده وقبل هذا أصدر توجيهات بمنع نشر أي إعلان يحمل شكراً لجلالته على تعاز او غيرها، فالأصل أن توفر الجهات الرسمية المال العام وأن تنفقه في أمر يعود بالفائدة على الناس، وستكون عندئذ أقرب إلى توجهات الملك.
الولاء والانتماء عبر إعلانات الصحف لم يعد أمراً مجديا، وليس من لغة المرحلة، ويفترض بالحكومة أن تحقق استمرارا لبرنامج العطل بمنع صرف اي دينار من أموال البلديات او الوزارات او الجهات الرسمية على اعلانات المجاملة او التهاني، والمدير او رئيس البلدية الذي على قناعة بأن ظهور اسمه في الصحف هو معيار الانجاز فليدفع ذلك من جيبه وليس من مال الدولة.
جوهر الأزمة في فهمنا لمظاهر الانتماء؛ فأحدهم قد ينشر اعلانا كبيرا يعلن فيه انتماءه وولاءه، لكنه لا يخدم الوطن في أدنى شيء، او يفضل مصالحه على مصلحة الناس والاردن.
عامل النظافة الذي يؤدي واجبه ويحرص على الإخلاص ارضاء لضميره اهم من اي مسؤول لا يفعل هذا ويُكثر من اعلانات الولاء ذات الكلمات التي يكتبها مندوب الاعلان او يتم نسخها من اعلانات السنوات السابقة. وحتى في الدلالات الشعبية فإن الصفحات المتخمة بأسماء المسؤولين ورؤساء البلديات لا تترك صدى ولا فعلاً سياسياً، وربما لا يقرأها الا اصحاب الاعلانات الذين يحبون رؤية اسمائهم وتقديمها لزوجاتهم.
وفي إطار الاعلانات هنالك ظاهرة شبه رسمية نشاهدها عند تعيين مدير جديد او حدوث مناسبة خاصة بمسؤول وتحديدا حالات الوفاة, حيث تتزاحم الاعلانات من كل الدوائر والاقسام تقدم التهاني او التعازي للمدير او المسؤول، وما يجري احيانا ان احدهم يبادر لجمع ثمن الإعلان من موظفي القسم او الدائرة او المديرية الفرعية في المحافظات، ويتم احراج الموظفين واجبارهم عبر (التخجيل)، بعضهم لم يسمع ولم يعرف المدير الجديد، وربما يخرج من وظيفته دون أن يراه وليس مضطرا لأن يدفع (5) دنانير مثلا من راتبه المحدود مساهمة في اعلان تهنئة او تعزية، وبدلا من الاسلوب الاستعراضي يستطيع من يريد، أن يذهب إلى بيت العزاء او الى المدير لتهنئته. لكن كثافة إعلانات التهاني لمدير جديد تعني زيادة منسوب المجاملة او النفاق الاجتماعي، وقد يكون وراءها سكرتيرة، وموظف يعمل لمصلحة.
في المقابل هنالك سُنّة الاعلانات الايجابية التي بدأت بها قيادة الجيش ثم الامن العام والدفاع المدني، بنشر اعلان تعزية بكل منتسب لها ينتقل الى رحمة الله. والايجابي ان رأس هرم كل مؤسسة يعزي وينعى مستخدما مدنيا او جنديا، وهذا اكرام لابناء هذه المؤسسات ووقفة معنوية مع اهل المتوفى، بخاصة عندما يعزي رئيس الاركان او مدير الامن العام بعريف او جندي او عامل مدني. مثل هذه الإعلانات تعزز التواصل وهي سلوك كريم. فمدير الدفاع المدني مثلا لا يريد مصلحة من اهل جندي مات، والهدف إيجابي يتمثل بتعزيز قيمة الإنسان وكرامته مهما كانت وظيفته ومرتبته.
sameeh.almaitah@alghad.jo