كان ذلك قبل شهرين ، حين استدعينا ، مجموعة من الكتاب إلى الديوان الملكي ، دون أن نعرف السبب ، وبعد فنجان قهوة ، كان علينا أن نركب حافلة صغيرة ، يتملّكنا تساؤل عن وجهتنا ، وفي منتصف الطريق عرفنا أنّنا ذاهبون في زيارة مفاجئة لمخيم حطين ، وبالضرورة فلم نحمل التساؤل: بمعية من سنكون هناك؟ فبالضرورة سنكون مع الملك.وكانت تغطية رجال الديوان الملكي لنا ، مع دخولنا إلى المدرسة ، أنّنا نرافق وفداً من الأمم المتحدة، ، وانطلت الحيلة حتى على مديرة المدرسة التي شكت لنا من عدم حصول طالبة لديها على بعثة دراسية ، مع أنّها من أوائل الثانوية ، وحين وصل الملك ، في لحظة مباغتة ، دون حرس ولا حتى موكب ، كانت الدهشة تُرسم على وجوه الطالبات ، ولم يتطلب الأمر سوى لحظات لنستمع إلى الزغاريد.
أمّا وجوه المخيم ، فقد شجّعتهم المفاجأة على تسجيل مطالباتهم ، ولم أكد أصل منزلي حتى قرأت خبراً يفيد بأنّ ثلاث مطالبات قد تحققت فورا ، والبقية أتت لاحقا ، وحصلت الطالبة المغبونة وغيرها على حقوقهن ، وليس هذا موضوعنا هنا.
فبالأمس قرأت ظُهراً خبر مغادرة الملك في جولة تضمّ ثلاث دول ، وبعد قليل كان التلفزيون يبثّ علينا نشاطاته في تركيا ، وهي لم تُختصر في مباحثات سريعة ، بل زار عدة أماكن ، وتحدّث فيها ، وعند منتصف الليل كانت صور مباحثاته في باريس مع ساركوزي تُبثّ في الوكالات ، ولم أكد أستيقظ صباحاً حتى كان خبر ستراسبورغ ، وكلامه هناك ، وفي آخر النهار ، فالملك في عمّان.
ولقد تشرّفت خلال السنوات الثماني الماضية بحضور عشرات اللقاءات والنشاطات لعبدالله الثاني ، وفي يوم أخطأ موظف كبير في عرضه لمنطقته باسم ناحية ، فحدست بأنّه سيغّيره قريبا ، وقد تغيّر بعد أسبوعين ، وفي كثير من الزيارات كان يؤكد على تاريخ معيّن لإنجاز أمر ما ، وكان يعود إلى تلك الأماكن في التاريخ المحدد ، فإذا تمّ الإنجاز فهناك متابعة أخرى ، وإذا لم يتمّ فالبيت ملجأ أخير للمقصّر.
ما أقوله باختصار: ساعد الله من يعمل بمعية الملك عبدالله الثاني ، فنحن نتعب من متابعة نشاطاته ، وهو لا يكلّ ولا يمل ، وأعان الله من يكلّفه بمهمة ، فليس أمامه سوى طريقين: الإنجاز في وقته ، أو ترك المنصب ، والكلام هنا موجّه لعشرات الأسماء التي عُيّنت في الفترة الأخيرة ، في مرحلة جديدة نتمنى لها النجاح ، وندعمها إلى أن يثبت العكس.