تحية الى ا"لشيخ" جان مونيه .. "أبو" أوروبا!
د. وليد خالد ابو دلبوح
14-03-2013 06:53 PM
" جان مونيه " ( 1888 - 1979 ): حامل الشهادة الثانوية ... وحّد أوروبا بدون طلقة رصاص واحدة!!
لوكان كان هنالك عظيما واحدا لأوروبا في القرن المنصرم لكان جان مونيه أكبر عظمائها وباني أحلامها, يلقبونه "أبو المجموعة الاوروبيه" و" مواطن الشرف الأوروبى الأوحد" , يُجمع الأوروبيون بأنه يعتبر المهندس الرئيس للوحدة الأوروبيه, عظمته تكمن في كونه ليس صاحب حلم فقط بل أيضا مشيده وبانيه, لبنة لبنة وبيديه, لسنين وعقود حتى أصبح خيال الأمس حقيقة. استطاع بحبه لفرنسا وأوروبا وتصميمه الدائم, دمج اقتصاديات وسياسات 27 دوله وصهر أكثر من 23 لغة تحت "مؤسسة" الاتحاد الأوروبي والذي يعتبر أكبر تكتل اقتصادي عالمي بناتج يقارب 16 ترليون يورو, متجاوزا العوائق العرقيه والمذهبيه والتاريخيه ... لقد شق مستقبل أوروبا بفكره ويديه!
أُرهقت واستنزفت فرنسا شر استنفاز بعد دخولها ثلاث حروب كبيرة ضد المانيا منذ عام 1870 وحتى منتصف القرن الماضي. وبدأ فكر مونيه من هنا يتبلور شيئا فشيئا على قناعه بأن القوة العسكرية والسياسات الأمنية وحدها غير كافية لتأمين الاستقرار والسلام لفرنسا بشكل خاص وفي اوروبا بشكل عام. وعليه, بدأ خيالة نحو أوروبا واحدة وموحدة بحيث لا يمكن على هذه الدول ان تستقر او تزدهر اذا عملت بشكل انفرادي ومنعزل عن جيرانها الدول ... الاندماج على مراحل هو الحل يقوم على مبدأ تكثيف التعاون بين الدول لزيادة الاعتمادية المتبادلة بينهم وجعل فرص الحرب بالتالي أقل بكثير. سعى جاهدا لتحقيق حلمة مرارا وتكرارا, يفشل كل مرة ويحاول من جديد, حتى تبنى فكرتة وزير خارجية فرنسا أنداك "روبير شومان" وقد عرفت فيما بعد "بخطة شومان". الخطة تتبنى عملية اندماج اقتصادي تدريجي, قطاعا قطاعا, حتى تتم الوحدة السياسية .. ومن هنا كانت الاهداف السياسية والأمنية نتاج للاندماج الاقتصادي وهذا ايضا ما ذهب اله العالم ديفيد متراني ومدرسة (نيوفنكشاليزم).
في البداية, كان وراء تأسيس ورئاسة مجموعة الحديد والفحم الحجري الأوروبية عام 1950، كما أنشأ لجنة عمل الولايات الأوروبية المتحدة، وكان رئيسها وساهم في قيام السوق الأوربية المشتركة وتأسيس جمعية الطاقة الذرية الأوروبية (يوراتوم)عام 1957. استمر تدافع الاندماج العامودي (عدد اندماج القطاعات والسياسات من الفحم حتى الوحدة النقدية) والافقي (عدد الدول من دولتان الى 27 دولة) حتى نجح مونية والاوربيون من القفز من مرحلة "المجموعة الاقتصادية الأوروبية" في الخمسينات من القرن المنصرم الى ما يسمى اليوم "الاتحاد الاوروبي" في بداية التسعينات ضمن اتحاد اقتصادي وسياسي تبلور مع اتفاقية ماسترخت عام 1992-1993.
الخاتمة:
تحية خالصة الى هذا الرجل الاقتصادي والسياسي الفرنسي المخضرم, رجل ولا كل الرجال ... رجل لا يعرف المنسف ولا المسدس ولا الدبكه ولا السحجه تظاهرا في حبه لوطنه ... رجل بسيط المظهر ومتواضع ولكن يملك من الرجولة يفوق ما يتغى به الكثيرون عندنا ... ويملك من النخوة, وهو لا يعرفها, أضعاف مما يتظاهر به المتشدقون اليوم. في عام 1963، أصبح أول الأوروبيين الذين نالوا ميدالية الحرية الرئاسية، وهي أعلى ميدالية مدنية منحتها الولايات المتحدة. تحية أيضا لروبير شومان, وزير الخارجية الفرنسي, الذي استمع لمونيه واحتضنه واحتضن فكرته حبا لفرنسا واوروبا. احترام الانسان والفكر ورأي الاخر من قبل العظيم شومان, جعل من أوروبا ما وصلت اليه اليوم... أي نوع من الرجال هؤلاء ؟!
أين نحن اليوم من هؤلاء؟ أين الحلم العربي من هذا؟ أين الحلم الأردني من هذا؟ أين حلم برلماننا من هذا؟ أن بيوتنا من هذا؟ ... أين أنا وأنت من هذا ... حتى تستطيع فوق أن تحلم وتؤسس وتنهض وتنحج؟ هل أنت متصالح مع نفسك أولا حتى تتصالح مع اهلك ثانيه ومحيطك ثالثا وبلدك رابعا وقوميتك خامسا ... حتى تستطيع أن تحلم في ربع ما حلم به العظيم مونية؟! فلنبدأ بالتصالح "والتوحد" مع أنفسنا أولا بصمت وحب وبدون ضجيج... حتى نستطيع أن نبلغ مبلغ الحلم فقط لا غير!!
Dr_waleedd@yahoo.com