فساد أكبر مما نتوقع : شكرا لرئيس الهيئة!
حسين الرواشدة
14-03-2013 03:33 AM
كم تبلغ “كلفة” الفساد في بلادنا؟ أمس أعلن رئيس هيئة مكافحة الفساد أن “حجم الفساد فاق كل التوقعات”، وأضاف “لم أكن أتصور أن الفساد وصل الى هذا الحد، بخاصة في عصر “جماعة الديجيتل” الذين عاثوا في الأرض فسادا.
اعترف الرجل أيضا بأن إحدى المؤسسات المتهمة بالفساد لجأت الى “شطب” ملفاتها ما دفع الهيئة للاستعانة بالأجهزة الأمنية لاسترجاعها، تلك المؤسسة تم حتى الآن استعادة نحو “7” ملايين من الأموال التي سرقت منها، وتبين أن المسؤولين فيها صرفوا شيكات تتجاوز قيمتها “100” ألف دينار أكثر من مرة.
أخطر ما قاله السيد بينو هو أن مراكز قوى متنوعة تغولت وزرعت بذور الفساد في البلد وهيأت بيئة لتكاثر الفاسدين والمرتشين وغضت الطرف عن ممارساتهم وجيشت إعلاما مدفوع الثمن للدفاع عن ممارساتهم والتغني بإنجازاتهم وتبييض صحائف تاريخهم.
قبل أن أعلق على الموضوع استأذن القارئ الكريم بتحية السيد بينو ورفاقه في الهيئة، راجيا أن يردوا التحية بأحسن منها على “المواطن الأردني” الذي ما زال ينتظر رؤية “رؤوس” كبيرة متورطة في الفساد وراء القضبان أو أمام “موازين” العدالة.
إذا تجاوزنا هذا الواجب، فإن ما قاله الرجل يؤكد ما سمعناه في الشارع، وما يرفعه المحتجون من مطالب “لفتح” ملف الفساد بشكل صحيح، ما يعني أننا أمام “توافق” رسمي وشعبي على حجم المشكلة، وعلى ضرورة مواجهتها، وعلى اعتباره “عتبة” للدخول في عملية الإصلاح، لكن هذا “التوافق” -للأسف- لم يخرج بشكل مقنع من إطار النظر الى إطار العمل والتطبيق، وحتى في الحالات التي أحيلت فيها بعض القضايا للقضاء فإن سؤال “الجدية” ما زال مقلقا بلا اجابة.
سأتجاوز هنا الأسماء الكبيرة التي يشار اليها بـ”التورط” في الفساد، وسأتجاوز ايضا القضايا الكبرى التي نعرفها جميعا، وربما تكون على طاولة هيئة المكافحة، واستأذن القارئ الكريم مرّة اخرى بالتذكير ببعض الممارسات التي جرت خلال الأعوام السابقة، صحيح انها “تكيفت” مع القانون في بعض الأحيان واعتبرت مقرراتها وإجراءتها في إطار “المشروعية” لكن الصحيح - أيضا - انها تجسد حالة من “الفساد” المغطى، خذ مثلا ما تم صرفه على المؤسسات المستقلة منذ إنشائها وحتى نهاية العام الماضي، حيث قدر بـ (11.7) مليار دينار (75% من مديونية الأردن)، علما بأن موازنة هذه المؤسسات تبلغ 2 مليار دينار ويتراوح أعداد الموظفين فيها ما بين 20 - 22 الف موظف.
خذ - أيضا - التعيينات التي تمت في أمانة عمان، حيث قدرت العام الماضي بنحو 1472 موظفا تم تعيينهم لأسباب مجهولة.
علما بأن كادر الأمانة يتجاوز الـ 21 ألف موظف، علما بأن المخصصات السنوية للموظفين “الجدد” بلغت نحو 662 ألف دينار سنويا.
خذ - ثالثا - ما أنفق على علاج الوزراء والنواب والأعيان حيث بلغ العام الماضي نحو 3 ملايين في السنوات ما بين 2009-2011، فيما بلغت كلفة علاج هؤلاء العام الماضي نحو مليون و 58 الف دينار، فيما تجاوزت كلفة علاج أسنانهم الـ 90 ألف دينار.
خذ - رابعا - موضوع السيارات الحكومية التي يبلغ عددها “20” ألف سيارة، حيث بلغت مخصصات الأنفاق عليها 83.6 مليون دينار عام 2011.
خذ -خامسا- ما كشفه ديوان المحاسبة في تقريره لعام 2011 حيث بلغ حجم الاعتداء على المال العام آنذاك نحو “643” ألف دينار في “102” قضية.
إذا دققت في “كشف المستور” هذا، ستلاحظ أن لدينا مئات الملايين من الدنانير التي ذهبت في طرق غير مشروعة، سواء بسبب سوء الإدارة أو سوء استخدام الصلاحيات أو “النهب” غير المشروع، وإذا أضفت لذلك حجم “الفساد” الذي أشار إليه رئيس الهيئة وقدرته بالدنانير لابد انك ستفاجأ “بالأرقام” .. وستقول على الفور: إن فقراء بلدنا أولى بتلك الأموال التي دفعوها من جيوبهم، وان بلدنا أحق باستعادتها لخزينته بدل البحث عن القروض المشروطة.. أو تكبيد المواطن مزيدا من الضرائب.
الدستور