facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




"حيوية جديدة في تاريخ المسيحية الأردنية"


الاب رفعت بدر
12-12-2007 02:00 AM

تابعت بعين الاهتمام، ما نشرت عمون للكاتب ناهض حتر، بعنوان: جنرال المشرق: لماذا أصبح "عون" مهمّا للمسيحية الأردنية أيضا"؟ وتابعت أيضا التعليقات الغزيرة التي أتت على مقال الكاتب المنشور أصلا في صحيفة الأخبار اللبنانية . ولا أريد هنا أن أعلق على مقال الكاتب مؤكدا أو نافيا للخلاصة الخطيرة التي أتى بها، وهي التأثير الكبير لميشيل عون ليس على المسيحية اللبنانية فحسب، وإنما على المسيحية الأردنية كذلك، حيث خلص الكاتب إلى القول بأنّ "استمرارية نضال التيار الحر الذي يتزعمه عون، سوف يحقق حيوية جديدة للمسيحية الأردنية والمشرقية "!لا أريد التعليق، فالكاتب لا يتحدّث باسم أحد، بل باسمه الخاص. ولا يجوز لأي قارئ أن يعتبر ما ذكره الكاتب حديثاً باسم المسيحيين ، فهو كاتب له مواقفه القومية السياسية والماركسية واللا-دينية ، الأمر الذي يصرح به هو ذاته بل ويفتخر به . و"كل مَن على دينه -أو لا دينه- الله يعينه".

أما موضوع المسيحيين في الأردن والحيوية الجديدة التي بانتظارهم، فهو شأن آخر مختلف تماما. وهي حيوية بعيدة كل البعد عن حصر المسيحيين وحشرهم في بوتقة سياسية حزبية ضيقة. وإذا أردنا الحديث عن حيوية تاريخية جديدة فهي من خلال:

أولا: الالتحام الكامل في المؤسسات الكنسية فلا يستطيع أي مسيحي أن يكون مسيحيا وحده فردا أو معزولا عن أخوته المسيحيين . الجماعة المسيحية المؤمنة والمصلية هي التي تجعل للمسيحيين هوية وتاريخا وحيوية. هنالك كتاب كثيرون، ومن بينهم حتر ، لا يتحدثون عن المسيحيين الا من منظار سياسي وبعيدا عن المؤسسة الدينية ، بتراتبيتها وتنظيمها، فيريدون خلق "مسيحيين" في الهواء والفضاء، بدون مؤسسة تحتويهم. لكنّ التاريخ المسيحي يقول بأن المسيحيين يتشكلون، هوية وتاريخا ، من خلال المؤسسة الدينية التي ندعوها الكنيسة . ولا مسيحي خارج الكنيسة. وكم حاول كثيرون على مدار التاريخ أن يشكلوا عناصر مسيحية خارج الكنيسة ، لكنّ محاولاتهم باءت بالفشل.

ثانيا، اذا كانت "النهضة" أو "الحيوية" المسيحية مهمّة لأي كاتب، فليعلم بأنها تنبع من الداخل ، وليست مستوردة من الخارج. لسنا بحاجة الى حزب سياسي خارجي، وإن كان من بلد عربي قريب وشقيق لكي يفجّر لنا نهضة مسيحية ، ويبث فينا الحيوية والانطلاقة الوثابة والحياة. إنّ التحامنا معا، في هذا الوطن هو الذي يعطي مزيدا من الحيوية التاريخية .

أما مصادر القوة لمسيحيي الأردن، فبالإضافة إلى ما سبق، يمكن أن نجملها من خلال النقاط التالية :

أولا: الدستور الأردني الذي يعطي لكل مواطن مساواة كاملة مع سائر إخوتهم، بغض النظر عن اختلاف اللغة أو العرق أو الدين أو الجنس.

ثانيا: القيادة الهاشمية الحكيمة التي تأخذ العدل والمساواة، شعارا للحكم، قولا وفعلا. هي الضامن الأكبر للأمن والاستقرار داخل المجتمع الأردني، وهي التي تخلق الطمأنينة وبالتالي الحيوية لدى مسيحيي الأردن.

ثالثا: القوة العشائرية الايجابية التي تجعل الناس متقاربين ومتلاحمين .

رابعا: الإخلاص الذي يميز المواطن المسيحي في عمله الدؤوب في خدم بلده ومجتمعه وقيادته وكنيسته.
خامسا:" التوجيهات السديدة التي يوجهها رؤساء الكنائس في الأردن ، في حثهم لأبنائهم المسيحيين على الالتزام الكامل في خدمة الكنيسة والمجتمع والإنسان.

سادسا: الحوار الإسلامي المسيحي المزدهر في الأردن والذي بات مضرب المثل في كل بقاع الأرض.

بلا شك . أن مسيحيي الأردن يتأثرون بالضرورة ممّا يجري حولهم . شأنهم في هذا شأن كل مواطن . وقد تأثر المسيحيون في البلدان العربية التي عانت من أزمات سياسية وحروب، لكنّ التأثر المسيحي بالأحداث والتفاعل معها لا يتمّان عن طريق تبني المسيحيين لرؤى سياسية يضمّها حزب سياسي في بلد مجاور. وليس كذلك بتأسيس حزب سياسي في هذا البلد. وقبل أعوام، جرّب أحد الوافدين من الخارج أن يطرح فكرة تأسيس "حزب مسيحي" في الأردن ، فقوبلت فكرته بالرفض الكامل، ووئدت في مهدها، ليس لأن المسيحيين غير مسيّسين أو لا دخل لهم بالشأن العام، بل لأنّهم ليسوا بحاجة إلى حزب سياسي ينضوون تحت لوائه ، وكأنهم بدون حزب لا يحيون.

وعليه، فبوسع كل مسيحي في أجزاء الوطن أن يتبنّى الرؤى السياسية التي يريد والتي تتلاءم طبعا مع الرؤى السياسية لقائد هذا الوطن، ولكن ليس بالطريقة التي تم طرحها من خلال تبيان أن مسيحيي الأردن متحمسون لذلك الحزب ، وأنّ حيويتهم مرهونة بنجاحه أو بفشله.

لقد بينت التعليقات المنشورة على المقال في عمّون أنّ هنالك رفضا كاملا، من مسيحيين ومسلمين ، في هذا البلد، لصهر المسيحيين في بوتقة حزب سياسي يعمل في أحد البلدان. إنّ المسيحيين في الأردن يتعاطفون مع كل شعب منكوب يعاني من أزمات سياسة أو اقتصادية أو اجتماعية ، لكنهم يرفضون كل الرفض أن يتم حصرهم وتاريخهم والتزامهم في الكنيسة والمجتمع، في علاقة حياة أو موت مع حزب سياسي .... يدافع عنه كاتب أردني ماركسي ولا-ديني.

لقد التقيت مرات عدة مع البطريرك صفير الذي يمثل صمام الأمان لمسيحيي لبنان وبخاصة الموارنة، وقلت له في كل مرة ، أن مسيحيي الشرق ينظرون إلى لبنان رمزا للمسيحية العربية الفاعلة والحيوية ، وان ضعف المسيحيين في هذا البلد، أي لبنان، قد يأتي على إضعاف المسيحية في الشرق برمّته. أمّا قوتهم وبقاؤها فسوف تمدّنا، نحن مسيحيي الشرق، بطاقات إيمان وعمل جديدة.

لم أكن أتحدث يومها عن مسيحية منصهرة في حزب سياسي . بل عن حضور عربي مسيحي فاعل ومشرق في الكنيسة والمجتمع، وهو مختلف تماما عما ذهب إليه الكاتب الذي أراد سجن المسيحيين تحت عباءة عون، وإلاّ كان الله في "عَون" المسيحيين... لأنهم يقلصون وجودهم وحيويتهم ورحابة إيمانهم في حزب سياسي ضيق، قد يكتب له النصر والنجاح وقد يكتب له الفشل والانحلال .
abouna.org@gmail.com





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :