المخزون الإستراتيجي الغذائي .. ما الفائدة
فايز الفايز
12-12-2007 02:00 AM
اليوم كانت الزميلة ضياء العوايشة تحاور في برنامجها مدير عام المؤسسة الاستهلاكية المدنية ، وكان يؤكد على توفر العديد من المواد التموينية ، ويصف " المخزون الاستراتيجي " بأنه قوي ويكفي البلد لفترة طويلة ، وهنا لن نعترض على شيء أو على التسمية التي أطلق عليها " استراتيجي " والتي كان من الأحرى المصارحة بأنها كميات متوفرة لمدة معينة ، وذلك لأن مجتمعنا سريع الاستهلاك للبضائع والصناديق التي تحتويها .المسألة تتعلق بالمجتمع الاستهلاكي ، وليست بالمؤسسات الاستهلاكية ، فنحن أصبحنا بلد غير منتج ، وبيوتنا أصبحت فقيرة جدا من أي مقومات الطعام الأسري ، ووصل الأمر عند العديد من العائلات خاصة في المدن الى الاعتماد على الوجبات السريعة ، أو خدمة التوصيل المجاني للمطاعم المنتشرة بكم هائل جدا .
إن من يدخل مثلا الى مطاعم الشركات العالمية بمختلف تسمياتها خاصة أيام العطل يرى العجب ، جرّاء كثرة العائلات التي ترتادها ، حتى لننظر الى المشهد وكأننا دولة نفطية وصلنا الى مراحل متطورة من الثراء الذي يمنع نسائنا من أن يغسلن الحنّاء عن أيديهن ليقمن بإعداد وجبات الطعام للأسرة ، فسعر وجبة عائلية من تلك المطاعم يكفي لإطعام العائلة وجبة لحمية ليومين على الأقل ، وبطريقة صحية بعيدة عن القلي الكولسترولي المدمر للصحة .
أنا أتحدى أن يقول لي صاحب بيت في العاصمة والمدن الاردنية انه يأكل من خبز مصنوع في بيته هذه الأيام ، لأن ما نراه يتعدى هذا التحدي فحتى القرى البعيدة أصبحت تستهلك من خبز الأفران التي تعتمد على الخبز الأبيض والقمح الأمريكي ،وأصبحت العائلات القروية والبدوية والمزارعين يعتمدون على الوجبات التي يشترون موادها من الأسواق ، وصدقوني إن هناك ممن يزرعون يشترون خضارهم من السوق ، وبعض مربي الماشية يشترون منتجات الألبان من السوبرماركت ايضا ، ولم تعد النساء تعرف كيف تصنع " مونة البيت " الإستراتيجية ، ولم نعد نزرع قمحا ولا بقوليات في حقولنا ، واصبحت اسواقنا تعج بالبضائع الاجنبية ، والغذائية منها ايضا.
نحن بصراحة أصبحنا نعيش في عالم من الواقع الخيالي ، فهل يعقل بعد كل هذا العمر ولا يستطيع " حضرتي " ان يطبخ قلاية بندورة ، واعتمد " أنا بصفتي عازب " على وجبات المطاعم التي أكرهها ، ثم نتحدث عن مخزون استراتيجي .
نحن نستحق استراتيجية تربوية انتاجية ، تدعم المزارع ، وتعلم الطلبة كيف يكونون منتجين ، بعيدا عن فواتير الهواتف الخلوية التي أرهقت الموازنات ، يجب ان نعود قليلا الى الوراء ، لتصبح العائلة أكثر إنتاجية ، بدل هذا الانتحار الاستهلاكي لكل ما يقبل وما لا يقبل من البضائع ، حتى وصلنا الى مراحل التسول بكافة مستوياته وعلى مختلف المستويات .
لنتخيل إن البحر جف ، والبواخر " تقطعت بها السبل " ، والطاقة بكافة أشكالها استنفذت فجأة ، فليخبرني عالم ، كيف سيكون حالنا ، هل ستبقى مخازين استراتيجية لدينا ؟
Royal430@hotmail.com