بينما كان جيش الثورة العربية الكبرى ينمو نموا مضطردا كان يطلب المزيد من العتاد والاسلحة من القوات البريطانية ، الا ان الانجليز كانوا يماطلون في تزويده بما يريد ، لانهم لا يريدون لهذا الجيش ان ينمو ويتطور بشكل كاف .وفي هذه الاثناء تسربت اتفاقية سايكس بيكو ، التي قسمت المشرق العربي بين الحلفاء ، واقتصر اعترافهم باستقلال العرب على الحجاز فقط ، فطالب الجنود والضباط في جيش الثورة العربية الكبرى الاسراع لا حتلال دمشق ، بعد ترك قوة كافية لمحاصرة معان ، ولكن الضباط الانجليز طلبوا من مولود مخلص قائد الفرقة الاولى ان يهاجم محطة فصوعة جنوبي معان الا انه رفض وقال : ان جهود الثورة يجب ان تتجه الى الشمال وليس الى الجنوب ، فتم تنحية مولود مخلص واستبدل بجعفر باشا ، الا انه ما لبث ان عاد الى فرقته .
وفي بدايات نيسان 1918 امرت قوات الثورة العربية الكبرى بمهاجمة معان ، الا ان اللنبي رجا فيصل ان يؤجل الهجوم على معان ، ريثما يتم الانجليز استعداداتهم في ميدان فلسطين .
وارسل الانجليز الى الامير فيصل في ابي اللسن الكولونيل "داوني" في 7 نيسان 1918 للبحث في امر الهجوم عللى معان ، وقد استمرت الاجتماعات يومين حضرها من الجانب العربي بالاضافة الى الامير فيصل كل من الامير زيد بن الحسين وجعفر العسكري ونوري السعيد ، وقد اصر الامير فيصل على مهاجمة معان رغم رفض الانجليز ، مما اضطرهم للعمل على تزويده بالاسلحة الثقيلة والذخائر ، ووسائط النقل ومفرز الهندسة .
وقرر الامير فيصل بن الحسين الهجوم على معان من ثلاث جبهات ، من الشمال ومن الجنوب ومن الغرب ، بقيادة القادة جعفر العسكري ونوري السعيد ومولود مخلص وتحسين علي . وبدأ الهجوم على معان في 11 نيسان 1918 واستمر الى 13 نيسان ، حيث تمت السيطرة على الاطراف وفي 16 نيسان شن الهجوم على حامية مدينة معان ، الا انه فشل في احتلال المدينة لحصانتها . واستمرت المعارك حول معان الى ان استسلمت الحامية التركية من شدة الحصار .
وقد عاود الجيش البريطاني هجومه على شرقي الاردن في 18 ايلول 1918 ، بعد ان فشل في المرة الاولى ، فحشد الانجليز قواتهم في الضفة الغربية لنهر الاردن ضد الجيشين التركيين السابع والثامن ، وقد طلب الانجليز من جيش الثورة العربية الكبرى ان يقوم بهجومات خاطفة على خطوط المواصلات التركية قرب درعا ، لعزل الجيوش التركية في فلسطين وشرقي الاردن ، وقد اصبح تعداد القوة النظامية في الجيش العربي ثمانية الاف جندي ومعهم الفي جمل وفئة صغيرة من السيارات الانجليزية المصفحة ، وجنود من الهنود لاستعمال المدافع الرشاشة ، والمفرزة الفرنسية بقيادة الكابتن بيزاني .
وفي هذه الاثناء وصلت الى فيصل في ابي اللسن وفود عشائر البلقاء والكرك وجبل الدروز وحوران وقبائل البادية .
وقد تالفت قوة هجانة لمهاجمة مواصلات الاتراك قرب درعا ، بدعم من القبائل وعشائر الحويطات وعلى راسهم عوده ابو تايه ، فيما بقي الجيش النظامي محاصرا معان بقيادة الامير زيد وجعفر العسكري ، فتحرك الامير فيصل ومعه قوة الهجانة وقوة نظامية صغيرة بقيادة نوري السعيد ويساعده علي جودت الايوبي وتحسين علي وحميد الشالجي ، وقد اختير موقع الازرق مركزا مؤقتا لهذه الحملة .
تحركت الجملة من ابي اللسن الى الجفر ومنها الى باير فالازرق ، وفي الازرق تجمعت قوات من الرولة بقيادة نوري الشعلان ، ومن قبائل بني صخر والسرحان والسردية ، واهل حوران وجبل الدروز واهل البلقاء ، وفي 12 ايلول غادرت الحملة الازرق الى الشمال ، ووصلوا في 17 ايلول الى شمالي درعا ، بعد ان مروا في ام الجمال وام طي وشمالي المفرق ، وتمركزوا في تل عرار ثم استولوا على المزيريب ، وقد هاجمتهم الطائرات الالمانية في ام طي وام السرب ، وفي 18 ايلول وصلوا الى نصيب ، فاضطر الاتراك لسحب جزء من قواتهم من حيفا الى درعا ، مما خفف الضغط عن الجيش البريطاني، فبدأ الجيش البريطاني بالهجوم ضد الجيشين التركيين السابع والثامن ، فانسحب الجيش السابع من نابلس بقيادة مصطفى كمال باشا عن طريق مخاضة ام الشرط في غور ابي عبيدة ثم سار الى عجلون مارا بالكورة وبني عبيد والرمثا .
وقد استولى الانجليز على جسر دامية في 22 ايلول 1918 ، وتلقت قوات معان التركية الامر بالانسحاب في 22 ايلول ووصلت الى زيزياء في 28 ايلول ، اما القوات الانجليزية فقط زحفت وراء القوات التركية المنسحبة ، فدخلت السلط في 23 ايلول ، واشتبكت في قتال عنيف مع الجيش التركي الثامن المسيطر على عمان فارغمتها على الانسحاب يوم 25 ايلول قبل وصول الفيلق الثاني من معان لنجدة عمان .
وقد استسلمت القوات القادمة من معان بقيادة وهبي بك في زيزياء في 28 ايلول 1918 ، وفي نفس اليوم دخلت القوات العربية درعا ، وكان قد وصل فيلق بريطاني الى اربد في 26 ايلول ، الا ان الانجليز فشلوا في طرد الاتراك من اربد ، وقد تولى الدفاع عن اربد القائد العربي منيب الطرابلسي ، ولكن الاتراك انسحبوا ليلا الى الرمثا ، وتولى شؤون الحكم في اربد بعد انسحاب الاتراك الشريف سعد السكيني .
وقد استولت القوة المحاصرة لمعان على المدينة بقيادة الامير زيد بن الحسين ، اما الكرك فقد دخلها الشريف محمد بن عريد بعد انسحاب المتصرف اسعد بك منها .
وقد دخل الامير فيصل دمشق في الاول من تشرين الاول 1918 ، وبقيت قوات الشريف ناصر تطارد الاتراك الى حمص وحلب حتى عقدت الهدنة مع تركيا في 31 تشرين الاول 1918 .
الى اللقاء في الحلقة القادمة من صفحة من تاريخ الاردن.