اذكر في تسعينيات القرن الماضي عندما بدأ بعض رؤساء الوزراء الاخذ بنهج توزير النواب- والذي تم التراجع عنه_ فقال احد النواب انذاك معلقا :"اننا لم نصبح نوابا لنبقى نوابا فقد ترشحنا للنيابة لنصير وزراء" مبديا بهذا اعتراضه عن التراجع عن عملية عدم توزير النواب.

في تلك المرحلة التي على ما اعتقد كانت تمثل بدايات تغليب المصالح الخاصة على المصلحة العامة حيث استمر هذا النهج حتى في ظل التراجع عن اعطاء النواب وزارات اذ اصبح هو السمة الاساسية في العلاقة ما بين الحكومة والنيابة التي تطورت لتاخذ اشكالا اخرى عانينا ولا زلنا نعاني منها لغاية الان فاصبح هناك قوى نيابية تبرز باستمراريتها في احتلال الموقع النيابي او في طبيعة تكوينها سواء كانت من فئات ذات ثقل سياسي او ذات ثقل اقتصادي لتضغط على الحكومات في مصالحها الخاصة من خلال التعيينات لمحاسيب واقارب واصدقاء او من خلال الاستفادة على حساب مقدرات الوطن في مشاريع مقاولات او شركات او لتحصل على عطاءات وغيرها من الامور وكانت الحكومات تخضع لمثل هذه الضغوطات من خلال تحالفات القوى البرلمانية مع الحكومات لتمرير الثقة بالحكومة .

هذه الحالة جعلت هناك استمرارية لنوع من القيادات التي استفادت من مقدرات الدولة لتبني لها امجادا لا تزال نراها ماثلة للعيان واصبحت تمثل قوى فاعلة في القرار الحكومي المرتبط بالصمالح الذاتية والشخصية فكم من نائب لايزال يعيش امجاده المتكررة بالنيابة التي بناها على حساب الدولة سواء بتعيينات الاقارب والمحاسيب او في الوصول للمال العام ليشتري به بعد ذلك ذمم ناخبيه.

المأزق في قضية النيابة والحكومة لا يزال ولم نرى اي مجلس نيابي غلب لغاية الان المصلحة الوطنية على المصالح الذاتية والمناطقية باستثناء المجلس النيابي الاول في عام 1989 الذي قدم اداء وطنيا متميزا وكان من الممكن البناء عليه في المراحل اللاحقة باعتباره نموذجا صحيا لحياة سياسية اردنية خالية من "الانا" ولو استمر هذا النهج لما آلت اليه امور حياتنا كما نراها اليوم فالتجربة ولدت لان من كان ضدها كان تاثيره اكبر منها في القرار وزادت الامور من سيء الى اسواء خاصة بعد ان عمدت حكومات لتوزير النواب والتي منها بدأت الحياة السياسية التي تم من خلالها تهميش دور الشعب واصبح من يختارهم الشعب هم من يعيش على فتاتهم بعد ان اكلوا الاخضر واليابس وابقوا له ما لم تطاله مناجلهم القاطعة.

الحكومة الحالية ستكون طاهرة ونظيفه كما قال رئيسها الدكتور عبدالله النسور ورغم كل شيء فنتمنى ان نرى شيئا مختلفا فالوطن الان يئن هو اهم من الحكومات والمجالس النيابية, فهل ستكون هذه الحكومة مختلفة وهي تتشكل على انين الوطن وهل سيقوم رئيسها بتقديم اي شيء للمواطن بعد ان اخذ من جيبه ما اخذ فان كان هناك طهارة ونظافة فيجب ان لا تكون فقط لغايات الصلاة فالصلاة للوطن هي من تقرب من يصلي لربه فاجعل ايها الرئيس حجك القادم مواطنك ووطنك ولا تجعله جيب هذا المواطن, فان فعلت فانت من اهله, وان لم تفعل فانت من اهل من سبقوك في سدة الحكم, فامامك الفرصة الاخيرة لتثبت انك النظيف الطاهر والنزيه في زمن عز فيه الطهر الحكومي.