مجلس النواب السابع عشر .. صدمة جديدة للشعب الأردني
اسعد العزوني
11-03-2013 03:43 PM
في كل مرة تجري فيها إنتخابات نيابية،ويتم الإعلان فيها عن الفائزين لتمثيل الشعب الأردني ،أو كما يفترض بذلك،يصدم الشعب الأردني صدمة ولا أقوى ،ويخيب ظنه ،ومنهم من يندب حظه ،ويلعن شيطانه الذي زين له ضرورة التوجه لصناديق الإقتراع ،لإختيار من يفترض أن يمثله تحت القبة ، ويشرع له ويراقب السلطة التنفيذية ،إن هي تغولت عليه ورفعت الأسعار عليه ،وحاربته في لقمة خبز عياله.
إعتاد الشعب الأردني على هذه الصدمات ومن صورها :أن غالبية النواب وعند إعلان فوزهم، يغلقون هواتفهم ولا يتمكن ناخب من دوائرهم الوصول إليهم، إلا إذا جازف وإتخذ من أبواب منازلهم الفارهة مفرشا للنوم، عل وعسى أن يتمكن من إصطيادهم لعرض مشكلته عليهم ،هذا في حال لم يتم الإيعاز لأحد بطردهم، من أمام الفلل والقصور الرهيبة التي تؤوي بعض النواب.
وكذلك فإن الشعب الأردني يتعرض للصدمة، لأنه يكتشف في نهاية المطاف ،وليس نهاية المشوار طبعا،أن النائب الناجح عن دائرته والذي يفترض أنه قام بإنتخابه ،ليس هو النائب الذي يطمح إليه،فمنهم من تنقضي الدورة ولا ينبس ببنت شفه.
ومن الصدمات الأخرى أيضا،أن الشعب الأردني ،يفاجأ،بأن من يفترض أنه إنتخبه ليس خبيرا في القانون ،ولا في التنمية البشرية ،ولا في إدارة القوى البشرية ،أو الإدارة المالية ،بل خبير في السلوك العدواني ،ولديه رغبة دفينة في العض!
هذا ما جرى في المجلس النيابي السابق ،الذي يحمل التسلسل 16 في المسيرة النيابية الأردنية، التي لم تثمر عن حياة برلمانية ،تخفف من العبء الملقى على أكتاف صانع القرار في البلاد الملك عبد الله الثاني ومن قبله الراحل الملك الحسين .
ما جرى في ذلك المجلس مهول ،إذ إعتدى أحد النواب على نائب مثقف هو الصيدلي جميل النمري ،ولم يكن الإعتداء ضربا بقنوة ،أو صفعة، أو حتى ركلة رجل ،بل كانت أفظع من ذلك بكثير،ما ترك إنطباعا سيئا عن سير العملية الإنتخابية برمتها من الترشيح حتى الإعلان عن نتائج الفائزين،وما يدور تحت القبة بشكل عام .
أقدم ذلك النائب على عض أذن زميله ،النائب المثقف جميل النمري في محاولة لقضمها ولكن الله سلم ،لأن أسنانه لم تتمكن من قطع أذن النائب النمري ،مع أن الحادثة تركت إنطباعا، ليس مريحا عن مسلكيات بعض النواب ،وضرورة أن توضع لوائح وأنظمة عقابية لمن يعتدي على زميله النائب،وهناك من إعتدى على إعلاميين وكسر كاميرات المصورين،وآخر رمى زميلة بقنينة المياه،وبمنفضة السجائر،إضلفة إلى أن أحدهم، أشهر مسدسه على شاشة التلفاز دون حياء أو رهبة أو خجل.
لا أنكر أن برلمانات العالم تشهد نزاعات بداخلها، ويتطور الأمر إلى إستخدام الأيدي والكراسي،ورأيت ذلك بأم عيني على شاشات التلفاز وتحديدا البرلمان الياباني ،ولكن الذي يجب أن نؤكده هو أن خلاف هؤلاء لم يكن شخصيا ولا عصبيا ،بل كان برامجيا ويصب في المصلحة العامة.
بالأمس ،حيث مجلس النواب الجديد السابع عشر ،الذي يعد في مرحلة التزهير، ولم يعتد الشعب الأردني على رؤية من يفترض أنه إنتخبهم ليمثلوه ،حدثت الطامة الكبرى ،وكانت الصدمة الكبرى للشعب الأردني ،لأنه توقع أن يكون نواب هذه الدورة على مستوى وتطلعات الشعب ،الذي يطمح لتطبيق الديمقراطية بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى.
كان الإشتباك النيابي الأخير تحت القبة ،مخيبا لآمال الشعب الأردني حيث القنوات ومحاولة إشهار المسدسات ومشاركة سائقي النواب في " الطوشة" ،ما يثير أسئلة لا حصر لها مثل:إلى متى سيبقى المجلس ساحة إشتباك ،بدلا من أن يصبح مكانا للتشريع؟أليس من الأجدر أن تحل المسائل الخلافية بالحوار، والإقناع بالحجة والبرهان، بدلا من اللجوء إلى العنف الذي يعد ألد أعداء الديمقراطية؟كيف يسمح لسائقي النواب بالدخول تحت القبة والمشاركة في الشجار المرفوض أصلا؟كيف يسمح للنائب أن يجلس تحت القبة وهو يتمنطق بمسدسه ،وفي نيته إشهاره في وجه زميله النائب ؟لماذا لم يتم الإتفاق على لائحة سلوك يلتزم بها الجميع؟
أسئلة كثيرة تبحث عن إجابات منطقية ،ولكن القضية الكبرى والأهم، هي :متى نصل إلى مرحلة يكون فيها نوابنا خبراء في التنمية وإدارة شؤون الأفراد والدولة والمالية والتعليم والقانون والقضاء والشؤون الخارجية والإتفاقيات الدولية؟أي أن يكونوا نوابا بمعنى الكلمة؟