جلستا الأحد والأربعاء ونمذجة الحوار بين الحكومة والنواب
ممدوح ابودلهوم
10-03-2013 08:40 PM
تابعتُ جلسة النواب الأحد قبل الماضي 3/3 و التي إلتئم عقدها برئاسة السرور بحضور الرئيس النسور و طاقمه الوزاري ، و التي تراخت حتى الثانية و الثلث من فجر اليوم التالي الأثنين مستغرقة ً بذلك ساعاتٍ خمساً و تزيد ، ناقش النوابُ في جُلها الوجبة الثانية من قرار الحكومة بزيادة أسعار المحروقات ، إذ تحدث 97 من أصل 149 نائبا قبل أن يرفع الرئيس السرور الجلسة حتى الأربعاء ، وكان معاليه قبل ذلك قد نوّه بأنه تسلم وثيقةً موقعةً من 97 نائياً تطالب الحكومة بالتراجع عن قرارها آنفاً ..
جملة ملاحظات غايةً في الوجاهة عميقة و جدلية حول هذه الجلسة يمكن لأي مراقبٍ سياسي التأشير عليها و بقوة ، لعل أهمها و بإمتيازهو وعلى الرغم من نارية مداخلات النواب و التي نال بعضها من شخص الرئيس النسور ، هو أن الإيقاع العام لكونسرت الجلسة ظل متناغماً بعيدا عن النشاز القديم ، الذي ترك و على الرغم من إنجازاته المتميزة كماُ و نوعاً ندوباً لا ديمقراطية قبيحة على رسمنا النيابي ، و أنا أعني هنا و بمنتهى الصراحة المجلس السادس عشر الذي خبرناه و بلونا بعضَ مشهدياته مناكفاتٍ عوامية و صراخاً ديماغوجياً و بشكلٍ لافت في جلساته الأخيرة بوجهٍ خاص ..
الملحظ الثاني في الجلسة أعلاه و الذي أراه وعلى شبه فوضاه درساً ديمقراطياً يمكن البناءُ عليه و الأخذ به أيضاً ، خلاصة مقولته الرئيسة تؤكدُ على أن لا عودة َ إلى الوراء و لو نسبياً الآن بإنتظار حالة المطلق المرتجاه للقادم السياسي في المقام الأول ، بمعنى أن النواب بل و الحكومة أيضاً قد قفزوا مساءَ الأحد و صبحَ الأثنين ، عن المهاترات المجانية و الأدق الإستعراضية التي تنتصرُ للشخصانية على حساب المصالح العليا للوطن و المواطن ..
يكادُ المشهدُ و وفق التخريجة آنفاً أن ينطق حتى ولكأن الفريقين النواب والحكومة ، قد وشحوا توقيعاً أخلاقياً جليل المبنى وطنيَّ المعنى ، هو أقرب ما يكون إلى المونولوج الداخلي في أدبيات الدراما المسرحية – فما لدى الكاتب من تفسيرٍ آخر ! – على ميثاقِ شرفٍ غير معلنٍ عنوانهُ الأمثل هو الحوارالوطني الموزون و المسؤول في آن معاً ، الذي يهدفُ في أنبل مراميه و أسمى غاياته إلى تحقيق رؤى الملك و المملكة في أردن الغد الأنموذج الذي لهُ نطمح و لأجله نعملُ حد الإنعتاق ..
غير أن جلسة الأربعاء قد نسفت الملاحظات آنفاً بل و قلبت عليها الطاولة رأساً على عقب ،وهي الجلسة التي كانت وكما توقعنا الجلسة الأسخن بل لعلها وفيما يرى كثيرون ، تستوي وفي غير قراءة الجلسة الأهم في هذه الدورة الغيرعادية لمجلس النواب لكن ايجابياً لا سلباً كما وحدث ، إذ كان من المفترض وكما سبق وألمحنا أن تفصحُ عن قليلٍ و كثير فتجيبُ أولاً على أسئلة الأحد الماضي و الأدق سؤالها الرئيس ، ألا و هو مطالبة الحكومة بالتراجع عن قرارها المفخخ شعبياً برفع أسعار المحروقات ..
الذي حدث وقامت (بعض) وسائط الميديا بتهويله سلبياً هو وبحسب معالي النائب عبد الهادي المجالي مثالاً لا حصراً ، أمرٌ طبيعي ينزل في باب العادي الديمقراطي أو اليومي النيابي ويحدث في كل البرلمانات المتقدمة حضارياً كاليابان وكوريا وبريطانيا وغيرها ، وهو بالتالي ما تهضمه الادبيات السياسية وتراه مظهراً صحياً يفت في عضد النهوض الديمقراطي باجمال ..
لقد كان مؤملاً لولا مقاطعة الرئيس النسور وشبه الفوضى الذي حدث أن تسفر جلسة الأربعاء، عن جواب الحكومة الشافي بإلغاء هذا القرار و لو حالياً و في هذه المرحلة تخصيصاً، ليس فقط من باب إعراب الحكومة عن حُسن النوايا كمقدمة سياسية شفيفة وواضحة المعالم لمستقبل التعاون مع مجلس النواب الحالي ، بل و فضلاً عن إشتباك هذا القرار مع إختيار رئيس الوزراء القادم وهو ما نوّه به غيرُ نائبٍ في جلسة الأحد الماضي ، هو أيضاً عدم إرتقاء هذا القرار مفصلياً إلى مستوى الراهن السياسي حيثُ المتحولُ و الثابتُ في سجالٍ مصيريٍ ، ما له مسيس العلاقة بمستقبل الأردن دستورياً و ديمقراطياً في المقام الأول ما تشكلُ أوراق جلالة الملك النقاشية عنوانه العريض و جملتهُ الوطنية الأمثل ..]