التعليم والتربية هو بناء الفرد ومحو الأمية في المجتمع، هو المحرك الأساسي في تطوير الحضارات، ومحور قياس تطور ونماء المجتمعات التي تقيّم على أساس نسبة المتعلمين بها.
إصلاح التعليم وإصلاح المناهج هما الأساس في إعداد أبناء البلد الذين هم قادة المستقبل.
إن نوعية التعليم تتراجع في العالم العربي مقارنة بالدول الأخرى، لأن تحسين التعليم يسير جنباً إلى جنب مع التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
لقد سجلت نسبة الأمية في العالم العربي 30% من عدد السكان البالغ 350 مليون نسمة.
إن التركيز على التعليم الفني، بإنشاء مؤسسات هادفة فعالة لتطوير التعليم هو الأساس لسد النقص في حاجات البلد والدول المجاورة، وإعداد الفنيين إعداداً كاملاً لتغطية سوق البلد والأسواق المجاورة من الفنيين المتعلمين، دون الحاجة لاستيراد عمالة غير مدربة تقوم بأية أعمال، مما تؤدي لسوء مصنعية، ونوعية متخلفة من المهن.
يوجد لدينا في الأردن عمالة مستوردة تزيد على المليون عامل غير مدرب في معظم الأحوال، فلو شجّع إبن البلد ودرّب ووجّه وتعلم المهن والحرف، لأمكننا الاستغناء عن الاستيراد وتوفر العملة الصعبة، وتوفير العمالة والاكتفاء الذاتي ولم يعد لدينا بطالة أو أناس دون عمل.
لو أردنا أن نأخذ مثالاً ماذا يجري في اليابان ذات سكان يقدرون بـ 130 مليون نسمة تقريباً حيث 70% من أراضيها غير صالحة للزراعة وليس لها موارد طبيعية، وإنها تتعرض لمئات الزلازل سنوياً ولم يمنعها ذلك من أن تصبح ثاني اقتصاد في العالم.
لقد كان الميكادو - إمبراطور اليابان – الحاكم المطلق في البلاد وبعدها أصبح الحكم دستورياً وليس له سلطة على الشعب وهناك استقلال تام بين السلطات الثلاثة التنفيذية (الحكومة)، التشريعية، والقضائية.
وفي فترة حكم الميكادو، كان منتمياً لأرضه وبلاده وشعبه وكان الشعب يقدسونه ويقولون:
هكذا الميكادو قد علمنا
أن نرى الأوطان أماً وأبى
إن السبب الأساسي لتطور ونجاح البلد هو إعداد الشعب منذ الصغر وتعليمهم الانتماء وحب الأرض والعمل لصالح الوطن.
إنهم يعلمون الأطفال ان يقوموا بتنظيف مدارسهم كل يوم لمدة ربع ساعة مع المدرسين مما أدى إلى ظهور جيل ياباني متواضع وحريص على النظافة.
إن عامل النظافة يسمى مهندساً صحياً ويتقاضى أعلى الرواتب. يمنع استعمال الهواتف النقالة في القطارات والمطاعم والأماكن المغلقة وأن المسمّى في النقال لوضعية الصامت هي كلمة (أخلاق).
تدرّس في اليابان مادة من الصف الأول إلى السادس ابتدائي اسمها طريق إلى الأخلاق يتعلم فيها الطلاب الأخلاق والتعامل مع الناس.
إن الأب والأم في البيت هما المسؤولان عن البيت والأولاد ولا يوجد لديهم خدم مطلقاً على الرغم أنهم من أغنى شعوب العالم.
إذا غرست التربية في الصغر على المبادئ والنظافة والأخلاق والانتماء، فإنها تنتقل معه للكبر وتجد المعاملة الطيبة لدى الجميع ولا يرى عنف أو تصرفات أساسها التخلف وعدم الانتماء لديهم.
لقد احتفلت اليابان منذ عشرات السنين بآخر أمي لديها.
إن استخدام العقل في التفكير والإعداد واستخدام الأيادي في المهارات يخلق بلداً متكاملاً، حيث التوجيه والإعداد ببدأ في البيت ثم المدرسة.
وهناك مثال آخر فهذه سنغافورة التي هي جزيرة صغيرة بمساحة 600كم2 وعدد سكانها ست ملايين نسمة.
لا يوجد بها – أية موارد، ولا يوجد بها ماء حيث تستورد الماء بالأنابيب من ماليزيا عن بعد 700 كم ولكنها تعتبر رابع أهم مركز مالي عالمي، ويعتبر مرفأ سنغافورة خامس أهم مرفأ عالمي من حيث النشاط.
يعتمد السكان على الحرف والصناعات حيث يستوردون جميع المواد الخام من الخارج ويضعونها بأيديهم.
تشجع الحكومة التعليم، لصياغة هوية قومية مشتركة تعلم الناس الانتماء للأرض وحب الوطن والعمل لأجله.
الأساس في التعليم هو التخطيط لحاجة البلد في المهارات التي يلزمها، والتي يستطيع الشعب أن يتقنها.
نحن في الاردن لم نشجع أبناءنا على الحرفية والصناعات الزراعية والتقنية، وإنما شجعناهم على الوظائف والتعلم الأكاديمي، مما أهملت الأراضي الزراعية وازداد التصحر وقلت الموارد.
لم ندرس حاجة البلد وما يمكن أن يقوم به الأفراد ولم نحذو حذو الدول الأخرى.
إن لدينا الإمكانات والمواد الخام مثل الفوسفات والبوتاس والإسمنت، والصخر الزيتي والغاز عدا الزراعة التي يمكن تطويرها للصناعة، فإن نظرنا كيف نستطيع أن نطور هذه المواد الخام ونصنعها بأيدي أبنائنا دون الحاجة لاستيراد أحد من الخارج، لخلقنا جيلاً يعتمد على نفسه ويستطيع النهوض بالبلد ويطوره وبذلك نجفف منابع الفقر والحاجة.
إن الأساس في هذه المرحلة هو نوعية التعليم، والتركيز في فتح مراكز التعليم بعد توجيه الإعلام للابتعاد عن ثقافة العيب وأن المهن هي الأساس في رفع الشعوب وتطور البلاد.
يجب الابتعاد عن التصرفات الحمقاء التي تغرس الخوف والألم في نفوس الأطفال وتبعدهم عن حب الوطن والانتماء إليه.
إن تشجيع العلم والعلماء وإعطائهم الحرية الكافية للإبداع سيعكس الخير كله على الوطن مما يحقق النمو الاقتصادي والاجتماعي والسياسي ويساهم في بناء الدولة الحديثة ويطور مواردها بمساعدة الكفاءات المنتمية لتراب الوطن.
وبهذا يتحقق الإكتفاء الذاتي ونلحق بركب الحضارة والمدنية في الدول المتقدمة.