في الذكرى العاشرة لعدوان الولايات المتحدة و " أخواتها " على العراق و المستمر حتى هذه اللحظة و بأشكال متعددة لا داع للدخول في تفاصيلها في هذه العُجالة الصحفية .

و في هذه المناسبة لا بأس أن نسترجع تهديدات (جيمس بيكر) وزير خارجية الولايات المتحدة الأسبق قبل حرب العام 91 من القرن الماضي : بإعادة العراق الى عصر ما قبل الصناعة.. فالعراق الشقيق ومنذ تلك الأيام وحتى الآن دولة لم تعد الى ما قبل عهد الصناعة فحسب فهو يأتي في المركز 127 في النمو الإقتصادي وتعلوه (الصومال!!) وجميع الدول العربية , وحسب تقرير منظمة الشفافية الدولية فالعراق أكثر الدول العربية فساداً وعنصرية ً وتطرفاً وتشدداً وأكثر مذهبية وطائفية وقد طُمست هويته العربية الحقيقية وكل ذلك من صُنع الإحتلال وأعوانه..

فوق ذلك فالعراق دولة تبدو (كسيحة) تماماً , ووفق تصريحات كبار المسؤولين العسكريين الأميركيين والذين أكدوا وفي تصريحات صحفية أن سماء وحدود العراق ستكونان غير محميتين و(منتهكتين) حتى العام 2024 على الأقل وهذا يفرح اسرائيل أولاً التي طالما دفعت واشنطن لهذا الغزو وبكذبة لم يصدقها أحد حتى مخترعوها وعلى رأسهم الجنرال كولن باول نفسه.

حقاً.. ان الولايات المتحدة دفعت ثمناً باهظاً لنرجسيتها المفرطة في غزوها للعراق واحتلالها له.. فقيمة هذه الفاتورة ثلاثة تريليونات دولار أميركي وأربعة آلاف قتيل وأكثر من ثلاثين ألف مصاب بدنياً ونفسياً... لكن خسارة العراق كانت كبيرة وفادحة: فجيشه الوطني قد حُل كما حُلت مؤسساته الوطنية ونُهبت متاحفه ومصارفه وأُعدم رئيسه وقياداته إضافة الى استشهاد أكثر من مليون ونصف مليون عراقي معظمهم من المدنيين وتهجير أكثر من خمسة ملايين خارج العراق وسرقة بتروله وثرواته الوطنية وتقسيم ترابه الوطني حتى صار ما يشبه لعبة الدمينو ..

لنعد الى ما قبل نحو عام و قبيل أيام قليلة من " الإنسحاب المنقوص " من العراق .. فقد فاجأ نائب الرئيس الأميركي (جو بايدن) بغداد بزيارة قصيرة ليومين ليس غير استمتع فيها بدفء شتائها بعيداً عن برد واشنطن القارص.. وتصريحات صاحب الوجه الشمعي هذا أثناء الزيارة كانت مبهمة حيناً وواضحة تماماً أحياناً أخرى.. من جملة ما قاله في هذه التصريحات: أنه جاء لإنهاء الوجود (العسكري!!) الأميركي في العراق.. وأنه سيشارك في احتفال سيقام للتذكير (بتضحيات) الجنود الأميركيين والعراقيين وسمى رحلته هذه ﺑ (رحلة الوفاء !!!) , لكن بايدن نفسه أكد أيضاً: أنه جاء بهدف إرساء أسس (شراكة مستقبلية) بين الولايات المتحدة والعراق... ولا يعني أن علاقتنا مع العراق (قد انتهت بإنهاء الحرب) من دون وجود قواتنا على الأرض... (فحدود وسماء العراق) ستكون محميتان منا وفق اتفاقية نهائية ستُعقد في واشنطن قريباً بين الحكومتين الأميركية والعراقية, وأكد أيضاً: أن الولايات المتحدة ستُحافظ على دورها (القيادي) في المنطقة من العراق الى ايران ومنطقة الربيع العربي وأنها تُنسق بشكل دائم مع الذين تجمعنا معهم نفس المصالح.

أما (الداخل العراقي) فلم يتحدث بايدن عنه بوضوح وعلانية.. والذي سيكون كما أرى.. على طريقة المثل العامي (فخار يكسر بعضه) أو على طريقة يوليوس قيصر: ( دع الأطفال يلعبون وأنا اتمتع بالفرجة ) أو ما تسميه الولايات المتحدة (الفوضى الخلّاقة) في بلد قسمته واشنطن على مدار أكثر من عشرين عاماً من الحصار والاحتلال الى أقوام وطوائف لا أول لها ولا آخر وبإشراف السفارة الأميركية في بغداد أكبر سفارة في الشرق الأوسط وكما يبدو فقد قامت هذه السفارة أثناء زيارة بايدن بتنفيذ تفجيرات في بغداد والخالص طالت عشرات القتلى والجرحى.

بالخلاصة.. إن وعد الرئيس الأميركي باراك أوباما بالإنسحاب الأمريكي في نهاية العام 2011 (وعد منقوص) فهذا الإنسحاب كان على طريقة مذيعي إحدى الفضائيات (لا تذهبوا بعيداً..) أي أن حدود وسماء العراق ستكون تحت السيطرة للطائرات الحربية الأميركية و المؤامرات و المكائد الأميركية ولسنوات قادمة غير محددة !

Odeha_odeha@yahoo.com