النواب والديوان .. ماذا يُجرى
د. عدنان سعد الزعبي
08-03-2013 09:37 PM
هل يُشير رئيس الديوان، إيحاءً أو قولاً، للنواب إلى شخصية الرئيس المطلوب، أم سيمارس دوره "فقط" بالاستماع، وأخذ الملاحظات، كما طلب الملك، ليكون تقريره مرآة وحقيقة لما يريده النواب، كُتَلاً وائتلافات ومستقلين؟
لا أعتقد أننا مضطرون لتفضيل شخص على شخص، فكل المطروحة أسماؤهم أَخْيار. ما نحن مضطرون إليه هو تعزيز الديمقراطية، التي تمثلّت بتفويض الملك صلاحياته للنواب، لاختيار رئيس الحكومة، خاصة أن الملك يتطلع إلى أن يكون عمل النواب موفقًا، وأن يختاروا شخصية مقبولة لدى الناس، ومحببة عندهم، تاريخها ناصع، وأداؤها مشرف، لا تثار ضدها أية ملاحظات، تحمل كل جديد يرتقي بمستوى الأداء الحكومي، ضمن إطار ثورة بيضاء أساسها الحاكمية الرشيدة، والإنجاز المشرف، والمسؤولية المترفعة عن المصالح الشخصية أمام العامّة.
الأساس أن يكون لدى مطبخ الديوان الملكي خيارات متعددة، أساسها استشراف المستقبل، ووضع سيناريوهات يتم على أساسها اختيار من يَصلُح، خاصة أن تحزّب النواب لشخصيات متعددة، وتشتت الآراء مسألة واردة، علمًا بأننا نعرف تماما أن ائتلافات النواب ليست فكرية، أو حزبية، بل مصلحية، لغايات محدودة الأفق، لن تفلح في اختيار رئيس الحكومة، وهذا ما شاهدنا نتائجه الأولى في جلسة الأربعاء الماضي.
من الذي قَسّم العرب عربين؟ ولماذا؟ وهل الديوان غير قادر الآن على طرح البدائل، أم أنه "يؤنشن" على أحد الأسماء المطروحة، ويريد من النواب التصويت لها، بعد أن تبيّن أن النواب غير قادرين على الوصول لرؤية واحدة؟ وهل يرى الديوان أن هذه الشخصية هي الأنسب للمرحلة المقبلة، رغم كل ما يثار، ويُتداول في الساحتين البرلمانية والأردنية، وإذا صحّ ذلك فلماذا نجد صناعة القرار في حالة ارتباك واضطراب، خاصة أننا متفقون على الثوابت والمقدمات؟
وهل تفويض الملك صلاحيات الاختيار للنواب هو الأفضل، أم العودة إلى السيناريو الذي بينته المادة 35 من الدستور كخيار أمثل، خاصة بعد ما شاهدنا الفوضى التي سادت مشاورات النواب؟.
لعلّ السؤال الأكثر أهمية: ما هو موقف الديوان من كل ما يُجرى، وهل عودة اختياره للرئيس ضمن مواصفات النواب هو "توريطة له"، كونه اللاعب الأساسي في ترجمة مواصفات الرئيس القادم للملك صانع القرار النهائي، أم سيقوم بتسمية شخصية بذاتها للملك على أنها اختيار الأغلبية النيابية، وهل موقف الشارع العام من أي اختيار سيقدمه رئيس الديوان سيكون مقبولا؟!
وهل يمكن أن نُصدّق ممارسة رئيس الديوان، إيحاء أو تلميحا أو بالضغط على النواب للتوجه إلى شخصية بذاتها كما يقول بعضهم؟، وإن صح ذلك، فكيف سيكون قرار الملك المُصِرّ على دور النواب في اختيار الرئيس، خاصة وأن أية ممارسة من هذا النوع، هي خروج على إرادة الملك، وهذا ضرب من الانتحار السياسي الوطني .
رغبتنا، وتطلعنا، أن لا يحصل ذلك، من هذه المؤسسة التي هي القاسم المشترك الأعظم لكل الأردنيين، إلا أن التحذير منها، رسالة لحماية مؤسسة العرش من الانزلاق في متاهة الحكومة والنواب، والزج بها في خلاف أطراف الخلاف، بدل دورها في تعزيز العلاقة الكفؤة التشاركية، ومصداقية توجهها نحو خيار الشعب ، في النواب و الحكومة.
فالطامة الكبرى، إذا شعر المواطن بأن ما يُجرى مجرد "حدّوته" نتائجها موضوعة مسبقا، عندها سيتساءل الناس لِمَ هذا ؟ وما هو السبب والغاية من كل ما أُجْري ويُجرى، ولمصلحة من هذه المراوغات والتأخير؟ وسيردد الناس قوله تعالى: "كبر مقتا عند الله أن تقولوا مالا تفعلون".
Ad_alzoubi@alarabalyawm.net
العرب اليوم