النواب المحترمون بين المصلحة العامة والخاصة
د. فهد الفانك
08-03-2013 04:06 AM
وجد رئيس الحكومة الدكتور عبد الله النسور نفسه أمام خيارين، مصلحته الشخصية التي تتمثل في تأجيل القرار إلى ما بعد تكليفه برئاسة الحكومة الجديدة، أو المصلحة العامة، التي توجب عليه الالتزام بقرار عابر للحكومات أي قرار دولة، فاختار المصلحة العامة. وكان يستطيع أن يؤجل القرار لأن الخسارة ستكون من المال العام وليس من جيبه الشخصي.
في المقابل وجد أكثرية النواب انفسهم أمام خيارين، شعبيتهم في نظر الشارع التي تتطلب أن يثوروا في وجه الحكومة التي رفعت الأسعار من جهة والمصلحة الوطنية من جهة أخرى التي تتطلب تفهم أهمية قرار عابر للحكومات لا رجعة عنه. فاختاروا الشعبية وعبّـروا عن خيارهم الخاطئ بأساليب عصبية أطاحت بشعبية البرلمان نفسه في أيامه الاولى.
ليست هذه أول مرة يجد المسؤول نفسه في موقف صعب، ومن المؤسف أن المسؤول كان في معظم الحالات ينحاز إلى نفسه ويضحـّي بالمصلحة العامة، ومن هنا جاءت كل القرارات الشعبوية التي أنتجب العجز المالي وفـرّخت المديونيـة الداخلية والخارجية، وكان أصحاب تلك القرارات يعرفون نتائجها وتكاليفها، ولكنهم ضحـّوا بالمصلحة العامة على مذبح المصلحة الشخصية.
ونعود إلى قضية الساعة أي أسلوب تسعير المحروقات، فالثورة النيابية الصاخبة كانت مطلوبة لذاتها، أي لتسجيل مواقف ونقاط شخصية، ذلك أن ارتفاع السعر يقتصر على 4% ولبضعة ايام باقية من شهر آذار، فالمؤشرات تدل على أن أسعار المحروقات ستعود إلى مستواها السابق، أو شيء قريب منه، عندما يعاد التسعير في نهاية هذا الشهر على ضوء انخفاص الأسعار العالمية للبترول.
الفرق الناشئ عن رفع أسعار البنزين والسولار بنسبة 4% لمدة شهر واحد تحسب بالقروش، ولا تؤثر على جيوب أصحاب السيارات الفارهة أو ذات الدفع الرباعي، ولا على الذين يستعملون التدفئة المركزية في منازلهم العامرة التي لم يعد لها (التدفئة) لزوم في آذار ونيسان لاعتدال الجو.
كنا نفهم لو ثار النواب ضد عجز الموازنة وارتفاع المديونية لأن ذلك يهدد أمن البلد الاقتصادي ومصلحة الاجيال. لكنهم للأسف ثاروا لتوسيع فجوة العجز وزيادة المديونية.
هذا الاستهلال لنشاط مجلس نواب جديد لا يبشر بالخير، ومع ذلك فإن الضرر قابل للعلاج، وما زال أمام النواب المحترمين فرصة إصلاح الخطأ لإنقاذ صورة المجلس وسمعته، وتأكيد موقعه كحارس على الصالح العام.
الرأي