في العلاقات الأردنية السعودية
المحامي محمد الصبيحي
07-03-2013 05:56 AM
لم يدرك كثيرون بيننا أن العلاقات الاردنية السعودية علاقات استراتيجية متينة ولا يمكن أن تتزعزع، ومن منطلق سوء فهمهم لتلك الحقيقة نجد دائما من يحاول القاء تبعة حل الازمة الاقتصادية الاردنية على الاشقاء في السعودية متذرعين بأننا حماة الحدود وأننا ندرأ خطرا عن الاشقاء.
صحيح أننا نحمل جزءا كبيرا من عبء حماية الحدود من مهربي المخدرات وغيرها من المخاطر ولكننا نفعل ذلك لحماية أمننا القومي أولا ومن منطلق المسؤولية المتبادلة تجاه الجيران الاشقاء في كافة الاتجاهات, وهذا أمر لا منة فيه ولا ثمن نطالب به مقابله، فليست المسألة هكذا لأنها التزامات دولية بموجب القانون الدولي وبموجب الشرع الاسلامي.
ومثلما نعرف أن العلاقات الاردنية السعودية مسألة استراتيجية راسخة فان الاشقاء في المملكة العربية السعودية مقتنعون تماما بأن امن الاردن واستقراره جزء لا يتجزأ من أمن السعودية واستقرارها وهذا أمر لاشك فيه ولا جدال، ومن هذا المنطلق كانت العلاقات متشابكة سياسيا وبشريا رغم كل محاولات التخريب والتشويه والدخول على الخط من قوى متعددة لها مصالح إقليمية ودينية.
السياسة يصوغها رجال السياسة في موقع التأثير والقرار وتحكمها وقائع الجغرافيا والتاريخ والمصالح المشتركة والاحداث الاقليمية ولكن لها أيضا ثوابت لا يمكن تغييرها تكمن التاريخ والجغرفيا والتراث المشترك، ومن هنا وبرغم تغير وتطور الاحداث الاقليمية فقد بقيت القواسم الاستراتيجية المشتركة بيننا وبين السعودية ثابتة مهما تغير الرجال في مواقع القرار، ومع ذلك شاهدنا المفاصل الرئيسة في السياسة الخارجية الاردنية للبلدين ثابتة منذ عشرات السنين.
لم يتوان الاشقاء في السعودية عن دعم الاردن ماليا وسياسيا في كل وقت ولم نسمع يوما أن السعودية أغلقت التأشيرات في وجه الاردنيين أو سمحت بمخاطر اقتصادية تهدد الكيان الاردني ولا بمواقف سلبية من الشعب السعودي تجاه الاردنيين ولا سمعنا تصريحات سلبية من أي مسؤول سعودي رسمي أو شعبي تجاه الاردن.
وأذكر في منتصف التسعينات أن زرت الرياض فدعاني المرحوم الشيخ الفاضل المؤرخ عبد العزيز التويجري - رحمه الله وأكرم مثواه-الى بيته وكان حينها يشغل منصب نائب قائد الحرس الوطني، فوجدت عنده المرحوم الاستاذ شفيق الحوت ممثل منظمة التحرير في بيروت فدخلنا في حوار سياسي امتد من الظهر الى ما بعد صلاة العصر، فأبدى الحوت-رحمه الله - بعض الملاحظات تجاه الاردن فلم يترك لي الشيخ التويجري فرصة الرد وقام هو بالرد على شفيق الحوت مشيدا بالحسين وبالهاشميين وبالاردن، ثم أهدى الي كتابه -لسراة الليل هتف الصباح-, وها هو نجله الشيخ خالد التويجري رجل القانون البارز مديرا أو رئيسا للديوان الملكي السعودي يسير على خطى الشيخ العالم المرحوم في حسن الفهم والخلق والكياسة.
ان سياسة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز الرجل العروبي القومي المؤمن لا تتأثر بالمهاترات فالرجل يدرك جيدا المخاطر التي تحيق بالامة ويختط سياسة المملكة وفق مصالح الشعب ومستقبل المنطقة, سياسة هادئة قوية بعيدا عن انفعالات السياسيين وتقلبات الاهواء والعواطف, سياسة تعي جيدا المؤامرت والتحالفات التي تستهدف كيان الامة ووحدتها القومية، ولا يملك عاقل هنا إلا أن يقف مع السعودية في نهجها السياسي ومع تمتين العلاقة الاستراتيجية بينها وبين الاردن، مقدمين لخادم الحرمين وللشعب السعودي الشقيق الكريم جزيل المحبة على وقوفهم معنا على الدوام .
الرأي