حراك اردني في المجال الدولي: آثاره و محاذيره
05-03-2013 07:33 AM
· الحراك الملكي يخترق منظومة المعادلات الدولية الأهم, و يقلص المسافات بين قطبي النظام الدولي (موسكو و واشنطن) فيما يتعلق بأكثر الملفات سخونة (الأزمة السورية).
ضمن هذا السياق لعب الملك عبد الله مؤخراً ضمن دائرة سياسية واسعة تمكنه من التعامل مع الملفات الاقليمية و العربية و السعي لتأمين عوامل داخلية فعالة تترجم ما اصطلح على تسميته "الثورة البيضاء".
هذه الثورة تهدف الى خلق مناخات لتفعيل مجمل العوامل المنشطة لعناصر الابداع و التجديد في اطار مؤسسات الدولة الأردنية, حتى تتمكن من مواكبة الخطوات الملكية في اطارها الدولي و الاقليمي و العربي على طريق رفع سوية التعامل مع مجمل حلقات التسويات الاقليمية و على ما يبدو أن الأزمة السورية هي المدخل الأهم و الرئيس الذي سيتفرع عنه مجمل مسارات التسويات الأخرى.
ان الحراك الدولي القادم لدفع الأزمة السورية باتجاه الحل يستوجب الحاجة للاعبين قادرين على مواكبة صيرورة الخروج من الأزمة. الأمر الذي التقطه الحراك الملكي بصورة مميزة أبقت الأردن على تواصل مع الأطراف الأكثر تأثيراً بالأزمة السورية و جعله موضع اهتمام و متابعة مجمل المراقبين.
بالرغم من المسؤولية العالية التي تحلت بها السياسة الأردنية مؤخراً في فهم تركيبة التحولات الدولية, الا انها تحمل بالقدر نفسه محاذير ناتجة من تشنجات بعض الأطراف العربية و الدولية التي غالت في تعاملها مع الأزمة السورية و هناك من الشواهد ما يكفي و يدلل على ذلك, خصوصاُ في التغطيات الصحفية الأوروبية و الخليجية و التي ظهرت جلياً بعد زيارة الملك عبدالله الثاني الى عاصمة "مرجعية الحل" موسكو, وفقاً للتفاهمات الأمريكية الروسية. لذلك فان الأهمية تكمن في العمل على تامين مناخ داخلي حيوي, ابتداءً من تشكيل الحكومة و اتخاذ العديد من الاجراءات العملية التي تتسم بروح المسؤولية مع ادراك حجم التعقيدات التي تمر بها المنطقة, من أجل الوصول الى النقطة التي يتناسب فيها ايقاع السياسة الداخلية مع الحراك الملكي على الدولي.
ان النجاح في التقاط اللحظة التاريخية لصيرورة التحول في شكل النظام العالمي و طبيعة التعامل مع أزمات الاقليم, يرشح الدولة الأردنية للعب دور على مستوى عال من الأهمية.
و على سبيل المثال, امتازت السياسة الأردنية في مجمل محطات الأزمة في سوريا, بالتوازن و الاتزان مراعياً مجمل أبعاد الأزمة اقليمياً و دولياً و انسانياً. الأمر الذي قد يحول الأردن - بتفهم جميع الأطراف- الى الطرف الأكثر حيوية في مسار الخروج من الأزمة. و بالتالي فان الدور الأردني قد يتجاوز فكرة الدبلوماسية الناعمة و المرونة المتوازنة الى الدخول في الخطوات العملية ابتداءً من وقف العنف و وصولاً الى الانتخابات الرئاسية في سوريا, مروراً بخطوات وسيطة مثل تشكيل حكومة انتقالية و اعادة كتابة الدستور و اجراء الانتخابات التشريعية و ما يتخللها من ضمانات لنجاح تنفيذ هذه الخطوات, من نمط ادخال قوات "فرض سلام" الى المناطق الأكثر سخونة و برعاية دولية.
هذا قد يرشح عمان للتحول الى محطة اقليمية و عربية و دولية للتعامل مع مسار تطبيق الخطوات التنفيذية لمسار الخروج من الأزمة على الرغم مما يرافق ذلك من محاذير مختلفة. النجاح في تحول عمان الى محطة اقليمية تعقد فيها المصالحات الاقليمية و العربية, من المصالحة الفلسطينية الى التسوية السورية, وفقاً لمنطق التاريخ و الجغرافية و نتاجاً لافرازات المعادلات السياسية الجديدة, قد يضعف أيضاً من مخاطر اندفاع الأزمة اللبنانية باتجاه الانفجار و يخلق أجواء حيوية لدفع مسار التسوية في المنطقة.