عمون – وائل الجرايشة - بدأ اليأس يتسلل الى الكتل النيابية والمستقلين من ترشيح أسماء لرئاسة الحكومة المقبلة ، فبعد أن أثرت انتخابات رئاسة مجلس النواب والمكتب الدائم على الكتل النيابية مزقت المشاورات حول ترشيح رئيس للحكومة ائتلافات برلمانية وفتت كتلاً.

وحتى اليوم لا توجد أغلبية واضحة في دعم رئيس بعينه ومواقف الكتل متشرذمة في أعقاب التشاورات التي امتدت لاسابيع دون التوصل الى ترشيح اسم لقيادة الحكومة المقبلة ، وكل كتلة رفعت اسم مرشحها الى رئيس الديوان بشكل منفرد.

فبينما اعلنت اربع كتل نيابية دعمها لرئيس الوزراء الحالي عبد النسور وهي (وطن والوسط والاتحاد الوطني والوفاق) وقرنت احداها بالاستمرار في دعمه من قرار رفع الاسعار ، اعلنت كتلة المستقبل النيابية دعمها لترشيح وزير الداخلية عوض خليفات للموقع بينما المحت كتلتان (الوعد الحر والنهج الجديد ) الى دعمه دون أن يصدر بيان واضح منهما حول موقفهما.

في هذه الأثناء تركت كتلة التجمع الديمقراطي خيار التسمية للملك .

حاولت الكتل النيابية والتحالفات استعادة قواها في أعقاب انتخابات رئاسة مجلس النواب والمكتب الدائم لكن ما ان استفاقت من الانهيارات التي احدثتها تلك الانتخابات وكشفت عورة التحالفات حتى اطاحت المشاورات حول الحكومة بفكرة تشكيل اغلبية نيابية.

ولم تقف الامور عند هذا الحد فقد اصيبت كتلة وطن النيابية التي فاق عددها الـ 36 نائباً عند تشكيلها وكانت اكبر الكتل النيابية بهزات ارتدادية افقدها عدد من النواب حتى وصلت مساء الاثنين الى 24 عضوا بعد انسحاب أبرز داعميها وحامليها النائب خليل عطية.

ويمثل انسحاب عطية أكبر ضربة موجعة للكتلة وتكاد تكون مؤلمة لشخص رئيس الكتلة النائب عاطف الطراونة ، ولا يمكن اعتبار الامر بالعادي فعطية افقد بخروجه اتزان الكتلة ، حيث انه شريك بها قبل تأسيسها في البرلمان اذ كان داعما لحليفه الابرز الطراونة حينما ارسل شقيقه النائب خميس عطية لخوض الانتخابات النيابية على قائمة وطن التي ترأسها الطراونة من اجل استنهاض همم شريحة من الناخبين.

الطراونة الذي رد في تصريحات لـ عمون على انسحاب عطية انتقد تصرف الاخير والاعلان عن استقالته عبر الاعلام مستخدما لغة "امتعاضية" حينما ربط تصريح عطية في بيانه عن تأطير عمل الكتل بينما هو ينسحب عبر الصحافة وكأنه لم يرسل كتابا رسميا للكتلة يعلن فيه استقالته.

عطية بدا منزعجاُ من آلية عمل الكتلة مؤخرا حتى أنه اعرب لمقربين منه عن عدم رضاه من قيادة الكتلة مؤخرا في كثير من الامور حتى بروتوكوليا ، ويُذكر من يعاتبه لمغادرة الكلتة بانه كان يؤيد الطراونة ويفوضه بكل عمل لكن ما جرى مؤخرا على الساحة المحلية كان يحتم على "وطن" التعامل بطريقة مختلفة.

الطراونة رفض ما وصفها "غمزات" عطية وكأنه يلمح باطنياً الى المواقف الشعبية التي تغلف تحركات عطية ، لكن عطية يسر القول "نريد الخروج ببياض وجه بعد الرفع" ، متأسفا على أن يبعث رئيس الكتلة بجواب نهائي الى الديوان حول موقف الكتلة من المشاورات على الرئيس دون الرجوع الي زملائه خاصة وأن هنالك مستجدات متعلقة بقرار الحكومة رفع الاسعار وهو الامر الذي قد يدفع أعضاء الكتلة لتغيير موقفها.

هنا يقول النائب خالد البكار أنه من غير المعقول أن تغير الكتلة رأيها وتقلبه في كل يوم حتى اصبحت مثار تندر للشارع والمراقبين ، ويقول أن تزكية الرئيس للحكومة المقبلة "ليس شيكا على بياض" ويتابع القول " حينما اجتمعنا الاحد لم نناقش موضوع طرح الثقة من عدمه ونحن لسنا مفتونين بعيني النسور لكن جئنا لنتحدث عن قرار رفع الاسعار واتخذنا موقفا معلنا ، وهنالك ثقة قد تعرقل وصول الرئيس ان اخلّ بالتزاماته وتهرّب من الشروط التي وضعتها الكتلة وهي ليست شرطا واحدا".

يشير البكار وهو عضو بارز في كتلة وطن في حديثه لـ عمون الى أن الرئيس حتى لو تم منحه الثقة فالدستور منح النواب الصلاحيات الاطاحة بها عبر طرح الثقة ، وكأنه ينتقد التعجل باتخاذ المواقف في الوقت الراهن خاصة وأن مواقف الكتل لا تظهر انحيازا واضحا تجاه دعم رئيس بعينه .

البكار يؤكد " على المجلس أن يتوقف في البحث عن شخص رئيس الحكومة وان يتفرغ لدوره الرقابي والتشريعي وترك الامر فيما يتعلق باختيار الرئيس في هذه المرحلة الى الملك على امل ان تتبلور مواقف الكتل وتتضح الصورة بشكل افضل في المرحلة المقبلة " ويقصد في الدورة العادية الاولى لمجلس النواب السابع عشر والتي تنطلق في شهر تشرين اول المقبل.

ويتفق موقف البكار سابقا مع موقف كتلة التجمع الديمقراطي للاصلاح التي اعتذرت لرئيس الديوان الملكي عن تسمية مرشح لرئاسة الحكومة في هذه المرحلة وقد ساقت مبرراتها في بيان مفصل نشرته عمون يوم الاحد ، اشارت فيه الى واقع الحال وغياب كتل برلمانية سياسية وحزبية وبرامجية.

وارجعت كتلة التجمع عدم نجاح فكرة التنسيب باسم لرئاسة الحكومة بالقول " ولم يكن هناك الوقت الكافي والخبرة في ادارة الاختلاف والتباينات والوصول الى قواسم مشتركة والقبول بنتائج التصويت" وعبرت عن املها بان تنضج التجربة وواقع الكتل خلال هذا المخاض وفي الفترة المقبلة وتحقيق الية متقدمة تثمر حكومات برلمانية قوية وقادرة تتمتع بدعم وتغطية موثوقة من اغلبية نيابية تنهي مرحلة التعاقب السريع للحكومات والذي نتفق انه كان من اسباب ضعف الحكومات وتعثر الادارة وبرامج التنمية.

ما جري في كتلة وطن من تباين في المواقف حصل مع كتل اخرى وحتى الترشحيات المعلنة من قبلها لا يؤيدها آخرون أعضاء في داخلها ، لكن نوابا رغبوا في تجنب التغريد خارج سرب كتلهم خشية انهيارها وآخرين فضلوا عدم الابتعاد عن الكتل التي قد يكون لها دور في رسم الفريق الوزاري والذي قد يطاول النواب "توزيراً".

البكار يتمنى ان يترك خيار التسمية للملك ويكون للنواب رأي في ذلك بعدها على ان يعود رئيس الحكومة للتشاور مع النواب على تشكيل وزارته ، ويعتقد أن هذا الامر ربما يكون اكثر يسرا مما حصل في المشاورات التي تناولت تسمية مرشح لرئاسة الحكومة حيث باتت الخيارات محدودة في ظل تشتت مواقف الكتل.

عطية يعترف بان النواب فشلوا او تم افشالهم في ترشيح اسم لرئيس الحكومة ويتحدث باسى عن تجربة الكتل النيابية في هذا المعترك لكنه لا يخفي أمله وهو يتحدث لـ "عمون" عن امله في ترتيب النواب لاوراقهم في المرحلة المقبلة ، وهذا يدلل على قناعة باتت تتعاظم عند النواب بترك خيار الرئيس للملك .

ويغادر الملك الثلاثاء الى تركيا في زيارة رسمية ولم يتبق من الوقت الدستوري الممنوح للحكومة لكي تتقدم بيانها الوزاري امام مجلس النواب الا بضعة ايام حيث تنتهي المهلة الدستورية مطلع الاسبوع المقبل ولا زال النواب في حيرة من امرهم من تشكيل اغلبية تجمع على شخص الرئيس المقبل وترشحه للملك.

وكانت كتل نيابية غيرت مواقفها عدة مرات بين من طرح اسم بعينه لرئاسة الحكومة وبين حكومة برلمانية بالكامل ومقترحات اخرى بحكومة نصف برلمانية واخرى بحكومة ثلثيها من النواب ، ولا زالت الصورة بانتظار التركيب.