شهدت تحويلات المغتربين الاردنيين تذبذبا كبيرا في حركتها خلال العامين الماضيين نتيجة حالة عدم التيقن وعدم وضوح الرؤيا في ظل ظروف استثنائية اقتصادية ومالية وسياسية واجتماعية داخل الاردن بحيث بادر بعض المغتربين بتحويل مدخراتهم في البنوك الاردنية من الدينار الاردني الى الدولار الامريكي بالرغم من الفارق الكبير في سعر الفائدة على الدينار الاردني والدولار الامريكي والبعض توقف عن التحويل واحتفظ بمدخراته خارج الوطن بعد ارتفاع مخاطر سعر صرف الدينار نتيجة الإشاعات المختلفة عن تخفيضه والبعض حول جزءا من مدخراتهم في البنوك الاردنية الى الخارج وبالتالي ارتفع الاتجاه للدولره اي زيادة نسبة الودائع بالدولار مقابل الودائع بالدينار الى حوالي ٢٤٪ عام ٢٠١٢ مقابل ١٦٪ عام ٢٠١١ والمعلومات الأولية تشير الى نمو الودائع بالدينار الاردني خلال الشهرين الماضيين نتيجة تحسن الأوضاع السياسية والاقتصادية.

والمعلومات الصادرة عن البنك المركزي تشير الى قيمة تحويلات المغتربين الاردنيين عام ٢٠١٢ بلغت ٣.٦ مليار دولار مقابل ٣.٤٨ مليار دولار وهذه التحويلات ساهمت في تعزيز ميزان المدفوعات الاردني وتدعيم الاحتياطيات الاجنبية ورفع مستوى الثقة بالدينار كعملة ادخار واستثمار وساهمت في تعزيز موارد البنوك الاردنية مما يتيح لهذه البنوك توظيف جزء من هذه الموارد في تقديم قروض للقطاعات الاقتصادية المختلفة مما يعزز من النمو الاقتصادي ويساهم في حل مشكلة البطالة.

وإصدار سندات تستهدف المغتربين الاردنيين سواء كانت بالدولار او الدينار الاردني من الآليات الهامة لاستقطاب جزء هام من اموال المغتربين المودعة خارج الوطن ومعظمها مودعة بالدولار او بالعملات الخليجية وهي أيضاً مرتبطة بسعر صرف الدولار وحيث يتوقع ان يكون الفارق كبيرا بين سعر الفائدة على السندات المصدرة بالدولار والمصدرة بالدينار واعتقد ان الفترة الزمنية لهذه السندات قد يتراوح ما بين ٣ الى ٦ سنوات بينما يتوقع ان تدفع الفوائد كل ستة شهور ولقد لاحظنا ان سعر الفائدة على الاصدار الذي طرحه البنك المركزي الاردني نيابة عن الحكومة الاردنية لسندات الخزينة الاردنية المحلية بالدولار الامريكي ولمدة ٣ سنوات قادمة تستحق السداد في ٢١ شباط عام ٢٠١٦ وبعائد سنوي نسبته ٤.٢٥٪ وهو عائد مغري اذا تم دفعه للمغتربين الاردنيين باعتباره عديم المخاطر ومضمون من الحكومة الاردنية ويحقق هدف بعض المغتربين الذين يفضلون مرحليا الاستثمار بالدولار خوفا من مخاطر سعر صرف الدينار مع العلم بان سعر الفائدة على ودائع الدولار والعملات الخليجية المرتبطة بالدولار تتراوح خلال هذه الفترة ما بين ١٪ الى ١.٥٪ والفارق الكبير بين العائد على السندات الاردنية بالدولار وعائد الودائع بالعملات الخليجية يشجع المغتربين على الاكتتاب بهذه السندات ولأ شك ان مبادرة الحكومة الاردنية الى إصدارات محلية بالعملات الاجنبية من قبل البنك المركزي وهي تحدث لاول مرة في تاريخ العمل المصرفي الاردني منذ نحو ٤٩ عاما خطوة هامة في ظروف استثنائية تهدف الى تعزيز الاحتياطيات الاجنبية وتعكس بالمقابل كفاءة إدارة المصرف المركزي خلال هذه المرحلة والذي يعمل بصمت من اجل الاستقرار الاقتصادي والنقدي واستقرار سعر صرف الدينار الاردني وسلامة الجهاز المصرفي ولا شك ان تحقيق هذه الاهداف يتطلب من البنك متابعة الاقتراض الداخلي والخارجي وتطورات عجز الموازنة.

اما السندات الصادرة للمغتربين الاردنيين بالدينار الاردني فارتفاع سعر الفائدة عليها سوف يشجع أيضاً الإقبال على الاكتتاب بها وخاصة من شريحة المغتربين التي لا تتخوف من مخاطر سعر صرف الدينار ومطمئنة لتطور الاوضاع الاقتصادية والسياسية والمالية في الاردن خلال هذا العام والأعوام القادمة وإعلان البنك المركزي الاردني عن نتائج المزاد على الاصدار التاسع لسندات الخزينة المحلية بقيمة ٦٥ مليون دينار اردني وحيث سجل اعلى سعر فائدة تقدمت به البنوك المرخصة العاملة بالمملكة ٨.١٦٪ ونسبة التغطية من قبل البنوك المحلية ١٠٧٪ وهذا العائد المرتفع وغير المبرر اقتصاديا باعتباره مضمونا من الحكومة وعديم المخاطر يعطي مؤشرات أولية للعائد المتوقع على السندات التي تستهدف المغتربين الاردنيين وبالدينار الاردني وحيث لاحظنا ارتفاع سعر الفائدة على إصدارات الاوراق المالية الاردنية خلال الثلاثة شهور الاخيرة من العام الماضي والتي وصلت الى ٨.٣٪ مع فترة سداد تمتد الى ثلاث سنوات وللحديث بقية..
(الرأي)