النسور يتحدى .. مغزى القرار
فهد الخيطان
02-03-2013 05:31 AM
تزامن موعد التسعيرة الشهرية للمشتقات النفطية مع المشاورات النيابية لاختيار رئيس وزراء جديد. ومع أن الرئيس الحالي د. عبدالله النسور، هو المرشح الأوفر حظا لتشكيل الحكومة البرلمانية، إلا أنه لم يتردد للحظة في اتخاذ قرار يقضي برفع الأسعار بنسب ليست قليلة هذه المرة.
لا تغيب عن بال النسور التداعيات المحتملة لمثل هذا القرار على الائتلاف النيابي الذي دعم ترشيحه، ولا الإحراج الذي يسببه لكتل نيابية رفعت اسمه في وقت مبكر، رغم معارضة أوساط شعبية وحزبية. والمفارقة أن التحفظ الجوهري على ترشيح النسور يعود في الأساس إلى قرارات إلغاء الدعم عن المشتقات النفطية التي اتخذها العام الماضي، وقوبلت بموجة احتجاج هي الأعنف والأوسع منذ ربع قرن.
الكتل النيابية التي دعمت ترشيح النسور لرئاسة الحكومة الجديدة، أخذت بعين الاعتبار موقف الرأي العام من سياساته بخصوص الدعم، فاشترطت عدم رفع الأسعار قبل العودة إلى مجلس النواب.
لماذا، إذن، يتصرف النسور على هذا النحو؛ يتحدى مجلس النواب والأغلبية التي تدعم ترشيحه، ويفرط بفرصة ثمينة للعودة إلى الدوار الرابع كثاني رئيس وزراء لحكومة برلمانية في تاريخ الأردن؟
أعتقد أن رئيس الوزراء يسعى من وراء قراره، وفي هذا التوقيت بالذات، إلى القول لمؤيدي ومعارضي ترشيحه في مجلس النواب، إن سياسة إلغاء الدعم التي تبناها من قبل ليست قابلة للمساومة، ولا مجال للتراجع عنها.
ربما يكون النواب على بينة من ذلك، لكنها مناسبة لتذكيرهم بثوابت السياسة الاقتصادية للحكومة السابقة واللاحقة، فيما اللجنة المالية والاقتصادية في مجلس النواب تناقش مشروع قانون الموازنة العامة للسنة الحالية.
كما يمكن اعتبار القرار توطئة لقرارات لاحقة بشأن أسعار الكهرباء، التي تم تأجيلها إلى شهر حزيران (يونيو) المقبل، بعد أن كان مقررا اتخاذها مطلع نيسان (ابريل) المقبل.
الطرف الثاني والمهم المستهدف من طرف رئيس الوزراء، هو صندوق النقد الدولي الذي أبرمت معه حكومة فايز الطراونة اتفاقا حصل الأردن بموجبه على قرض يزيد على ملياري دولار، مقابل التزامه بتحرير أسعار المشتقات النفطية والكهرباء. ويرتبط تحويل كل دفعة من القرض بمدى التزام الحكومة بتعهداتها للصندوق. حكومة النسور التزمت بالاتفاقية باعتبارها المخرج الوحيد من أزمة العجز المتفاقم والخطير في الموازنة. وبعثة الصندوق التي تواجدت في عمان منذ عدة أيام، لتقييم إجراءات الحكومة قبل الإفراج عن دفعة جديدة من القرض، ستلحظ، بدون شك، في قرار الحكومة بمراجعة تسعيرة المشتقات النفطية نهاية كل شهر، دليلا مشجعا على التزامها بالتفاهمات مع الصندوق، ما يساهم في تسريع إجراءات تحويل الدفعة الجديدة من القرض.
لكن القرار، ومهما كانت مبرراته، لن يمر مرور الكرام تحت القبة؛ إذ سترتفع أصوات المحتجين ضده. ومن المؤكد أن الكتل التي تعارض ترشيح النسور لولاية ثانية، ستوظف القرار لاستقطاب المزيد من النواب إلى جانبها.
يبقى السؤال: هل ينجح خصوم النسور في إقصائه من دائرة الترشيح، وتفتيت الأغلبية الملتفة من حوله؟
لقد خرجت بالفعل أصوات من داخل كتل دعمت ترشيح النسور، تدعو إلى العودة عن هذا التوجه. لكن المؤكد أن انهيار الأغلبية ليس واردا.
سيخسر النسور عددا من الأصوات، لكنه يقترب من أن يكون المرشح الوحيد لتولي المهمة من جديد، وبنفس البرنامج الاقتصادي العابر للحكومات.
fahed.khitan@alghad.jo
الغد