لو يبتعدون عن المنصة قليلا
اسامة الرنتيسي
02-03-2013 05:19 AM
الأوضاع في مصر على فوهة بركان، وتدخُّل الجيش لحسم المعركة بات الأقرب، وهو ما تنادي به القوى السياسية. التظاهرات المليونية عادت من جديد الى ميدان التحرير، والخلافات بين جماعة الإخوان المسلمين وحلفائها من السلفيين باتت واسعة وعلنية، وهي لا تقارن بالخلافات الجذرية مع جبهة الإنقاذ التي ترفض بأي شكل من الأشكال " أخونة الدولة المصرية".
المطلعون على تفاصيل الأوضاع المصرية يؤكدون أن الخلافات بين الرئيس المصري محمد مرسي ومكتب الإرشاد لجماعة الإخوان المسلمين أوسع من أن يتم رتقها بتفاهمات جديدة.
صديق صحافي مصري مطلع على الأوضاع الداخلية للجماعة نقل أن خلافا وصفه بأنه الأعنف وقع بين مرسي وبين قيادات بمكتب إرشاد الجماعة خلال اجتماع موسع الأسبوع الماضي، أدى إلى غضب بالغ من قبل مرسي.
الموقف من مبادرة حزب النور السلفي (حوار وطني للوصول لحل الأزمة في مصر والجلوس مع جبهة الانقاذ) قد فجر الخلاف بين مؤسسة الرئاسة وبين الجماعة، حيث ترفض الجماعة تدخل حزب النور كوسيط سياسي كما ترفض الاعتراف بأي حوار يتم مع جبهة الإنقاذ، يتم بموجبه تغيير الحكومة الحالية أو سحب وزراء الجماعة أو مشاركة ممثلين لجبهة الإنقاذ في الحكومة، في الوقت الذي يبدو فيه مرسي أكثر انفتاحا تجاه الحوار.
ويضيف الصديق "من المرجح أن سبب غضب الرئيس، هو إحراج الجماعة له أكثر من مرة، عبر نفي ما يتم الاتفاق عليه مع القوى السياسية عدة مرات أو الإعلان عن عدم احترام تلك الاتفاقات أو الالتزام بها وتكرار هذا الموقف بصورة أساءت له شخصيا".
وأن إقالة الدكتور ياسر علي المتحدث باسم رئاسة الجمهورية أتت بعد غضب متكرر من الرئيس مرسي من عدم التزام علي بالتوجيهات الرئاسية، لدرجة جعلت ضغوط بعض قادة الجماعة تصل إلى كتابة سطور المتحدث باسم الرئاسة، بدلا من توجيهات الرئيس نفسه، حيث بدا الأمر كأنه ازدواج في سلطة القرار والتوجيه في المؤسسة .
ما يحدث في مصر تحديدا بصفتها بوصلة التغيير في العالم العربي، هو تصحيح لمسار الثورات فيها، وفي البلدان العربية الاخرى وهذا يشترط دساتير مدنية ديمقراطية جديدة، وقوانين انتخابات تعتمد التمثيل النسبي الكامل لدمقرطة المجتمع والمؤسسات التشريعية والرئاسية، الحزبية والنقابية والمهنية.
فالموجة الثورية الثانية لثورة 25 يناير تدعو لتنفيذ برنامج الثورة "عيش وكرامة، حرية، عدالة اجتماعية"، وترفض دكتاتورية الحزب الواحد، وتدعو للدولة المدنية الديمقراطية، والمساواة في المواطنة دون تمييز في العرق والجنس والدين والطائفة والمذهب، وتصحيح المنهج الاقتصادي نحو التنمية والعدالة الاجتماعية.
تجربة حكم الاخوان في مصر، كشفت حقيقة تطلعات الجماعة وطريقة استحواذها على السلطة، وهي تجربة موسعة إذا نظرنا لها من الميكروسكوب لتجربة الاخوان المسلمين في فلسطين (حركة حماس) في قطاع غزة، وحجم التشابه بينهما.
بالمناسبة إذا أرادت جبهة الإنقاذ المصرية أن تحصل على التأييد الشعبي المصري والعربي، فإن عليها أن تعيد توزيع القيادات حول المنصة، وخاصة عندما تتوجه في خطابها إلى الشعب المصري والشعوب العربية، فبقاء محمد البرادعي وعمرو موسى في الصف الاول من المنصة، يحرم جبهة الإنقاذ من التأييد الواسع، باعتبار البرادعي رجلا " امريكاني الهوى" وموسى من رجالات النظام السابق، وإعطاء الميكرفون دائما لحمدين صباحي وغيره من المناضلين المصريين المعروفين والموثوقين سوف يعزز الثقة بعمل الجبهة وقوتها.
osama.rantesi@alarabalyawm.net
العرب اليوم