أفكار يحترم أصحابها , وإن انتهت صلاحيتها , ومن أبواب احترامها أن نذهب بها الى كتب التاريخ , تستودع لتجديد ذكرى أصحابها , حين يعصف الحنين و الشوق في قلوب أبنائها , اعترافا بقوة افكارها وغزارة عطائها في زمانها , حين كانت تسوده وتقوده .
معطيات العصر المستحدثة هي التي أنهت صلاحيتها , وهي سنّة الحياة التي واكبت تطور مجتمعاتها , فليس من ضرر ولا تجريح إن هي استودعت لمضي عهد زمانها , فاليوم ليس من متعة في سماع و تداول قصص تعاظم خيالها, فصرعات هذا الزمان طغت بإبداعاتها و ابتكاراتها، و سرعة انفتاحها , فهذا زمان الواقع لا زمان الخيال.
لا بد من الحفاظ على الأوطان و الإبداع الخلاّق و سلامة المسيرة و نموها , بمنهجية واعية, والعقول المغذاة بالعلوم و الثقافة, وبأعداد متكاثرة, و العقول المتجانسة بالفهم , والغزيرة بالعطاء, والصادقة بالانتماء والتي تكره الأنانية و الاستغلال و تملّك المال الحرام, والتي تعطي مئات أضعاف ما تأخذ هي التي تسلم لها الراية .
وجلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين المعظم , هو المثال و النموذج لهذا العقل المطلوب، لتسلّم له راية الإصلاح و الإبداع , محاطا بكوكبة من هذا الجيل المتجانس معه , يقرأون أفكار بعضهم دون حاجة للدراسة , ففهم الحياة المعاصرة يهمهم بالأسلوب و الوسيلة للوصول الى الهدف المنشود , دون أخذ ورد و تضييع للوقت , أو اتهامات متبادلة تبطئ المسيرة , وتعكر صفو الأجواء , وتنهك جسد الأمة , وترمي بالوطن مترنحا على ساحات الجغرافيا الإقليمية و الدولية , وتضعه موضع التندر و الاستهزاء.
نعترف ولا نجعل الغرور يذهب بنا الى متاهات التاريخ , فنتبوأ مقعدا في آخر صفوف الأمم , دعونا نعطي القوس باريها, وما باريها إلا أصحاب العقول العصرية المواكبة لتطور العالم وفهم واستيعاب نهج الحياة فيه, فحقوق الإنسان لن يعترف بها من تعوّد على ممارسة الفوقية, والجلوس في أبراج عاجية، ينظر للآخرين نظرة سيادية , فمن شبّ على شيء شاب عليه.
هنالك الكثير ممن نحترم ونجل، وإن انتهت صلاحية أفكارهم نتيجة لبصمات الزمان و ضعف اللياقة البدنية و العقلية معا, فلا يمكن لإنسان أن يعيش و يعطي لأكثر من زمانه , فالمرحلة الحالية و المستقبلية لا تحتمل أدوار التنظير و التغني بماض مضى وتنقم على كل شيء محدث جديد , وتتلذذ بسماع ذكرى مثاليات ذهبت .
بلادنا جنة وأن صورها البعض غير ذلك, وسواء ضعف اقتصادها أو ازداد ضنك العيش فيها , تبقى بلد العقيدة و القيم و العادات و التقاليد, بلد أقسم شبابه على الحفاظ أن يبقى العلم فيه مرفوعا عاليا.
حمى الله الأردن و شعبه و مليكه.
الدستور