حتى هذه المرحلة، وفي حال لم تحدث مفاجآت في اللحظات الأخيرة فإن فرص الرئيس عبد الله النسور في تشكيل الحكومة القادمة تبدو عالية جدا. الحسم سيتم من خلال حدث اتفاق الكتل الأربع التي تمثل الأغلبية النيابية (حوالي 80 نائبا) على هوية الرئيس وإذا حدث ذلك، وفي ظل تأكيد كتلتين بحوالي 20 نائبا على اختيار النسور فإن الاتفاق النيابي سيكون قريبا جدا ومن ثم يتم الانتقال إلى السؤال الأصعب حول أسماء الوزراء، وإمكانية توزير النواب.
اختيار النسور قد يكون الخيار الأسلم للنواب الآن حتى لا يتحملوا مسؤولية طرح اسم جديد أو قديم يحدث تغييرا في قواعد اللعبة السياسية سواء كان إيجابيا أو سلبيا. النواب يحتاجون إلى الوقت من أجل ترسيخ الكتل النيابية وتلمس طريقهم في مرحلة سياسية جديدة والإبقاء على الرئيس الحالي قد يكون بمثابة تأجيل لاستحقاق التغيير الذي يجب أن يحدث سواء في عملية اختيار الحكومات أو تحديد برامجها ومراقبة أدائها. إحداث الحد الأدنى من التغيير الآن قد يبدو الخيار الأكثر تفضيلا وذلك من أجل عدم تفجير الكتل الناشئة من الداخل ومنح الجميع وقتا كافيا لبناء تحالفات متينة وقابلة للصمود.
ربما يكون الاتفاق على هوية الرئيس اسهل بكثير من إشكالية التوزير والتي يختلف بشأنها أعضاء الكتل حتى داخل الكتل نفسها. في البعد النظري فإن الحكومة البرلمانية تعني تشكيل الحكومة من ممثلين عن الكتل النيابية ذات الأغلبية والتي بدورها هي كتل حزبية ذات برامج محددة وواضحة أمام الرأي العام. في البعد النظري أيضا فإن النائب/الوزير عندما يكون منطلقا من قاعدة حزبية يكون ملتزما تجاه حزبه والبرنامج الذي ينفذه ويحرص على تحسين أدائه حتى لا يؤدي إلى اضعاف فرص الحزب في الانتخابات اللاحقة. ولكن في حالتنا التي تتمثل في 150 نائبا مستقلا يتجمعون في كتل غير واضحة المعالم حتى لو حملت أسماء أحزاب أحيانا فإن التزام النائب/الوزير سيكون تجاه ناخبيه ودائرته الانتخابية فقط وهذا سيعني ايضا ذوبان الدور التنفيذي مع الرقابي مع الالتزام ببرنامج الحكومة/الكتلة/الحزب وفي النهاية سيكون الوزير هو ذلك الإنسان الخاضع للضغوطات والواسطات الخارجية والرغبات والأمزجة الشخصية.
التوقع الأكثر قربا للتحقق هو ايضا بمثابة “تجربة” تتضمن اختيار نصف أعضاء الحكومة من النواب وذلك بأن يتم تمثيل كل كتلة عن طريق نائب واحد في وزارة قد لا تكون رئيسية، ومراقبة أداء هؤلاء النواب/الوزراء وتقييم التجربة وإذا كانت قابلة للتعميم في الحكومات القادمة وهذا ايضا خيار سيجعل الطريق اسرع واسهل للحكومة القادمة.
ليست بالطبع الطريقة المثالية للتشكيل وكذلك لن تصنع تغييرا سريعا ولكنها تقلل من احتمال المفاجآت والأخطاء بانتظار نضوح البرلمان الحالي خلال عدة أشهر وربما التمكن من تشكيل حكومة برلمانية متكاملة خلال سنة أو أقل.
الدستور