تشير زاوية النظر النيابية الى وجود انحراف في البصر النيابي حيال الاصلاح وهم يتسابقون الى التنابز حيال توزير النواب او حجب الثقة عن حكومة يجلس النواب على مقاعدها , الموقف من الاقصى الى الاقصى , مما يدل على سوء فهم استثنائي او انحراف معياري في زاوية النظر النيابية .
بدورهم يستعجل الناس ظهور الدخان الابيض من قبة البرلمان بتسمية الرئيس القادم حتى يفككوا شيفرة الحكومة الاولى بعد الانتخابات ويظهروا موقفهم من الحكومة الاولى اما بشكل ايجابي او يستمر القلق الشعبي , خاصة ان سماع الحديث الاصلاحي يُطرب الاذن في حين ان السلوك او الاجراءات الاصلاحية لا تسرّ العين ولا تمنح العقل الاطمئنان اللازم .
معظم النواب الجدد ينظرون بعين زائغة الى المشهد السياسي القادم , فهم موقنون باستحالة الوصول الى حكومة برلمانية واضحة المعالم والتفاصيل او شبه واضحة ويرزحون تحت ضغط شعبي للوصول الى مسودة اصلاحية يمكن تظهيرها على ارض الواقع واول خطة للتظهير شكل الحكومة القادمة واسماء فريقها , بعد ان عادت نفس الاسماء الى الواجهة التي ترسم المشهد .
زوغان العين يعني اننا نحاول صعود ظل الجبل الاصلاحي وليس صعود الجبل نفسه , والمطلوب من الشارع الاردني ان يصفق للصاعدين الى جبل الاصلاح الوهمي او ظلاله , متناسين حقيقة ساطعة ان الانسان لا يمكنه القفز فوق ظله , والنواب مسؤولون عن سوء النظر ويتحملون وزر زوغان العين .
النواب موقنون انهم يحاولون الغزل بمغزل معطوب لانتاج سجادة وطنية صالحة للجلوس او تمتع الناظرين , فلا الادوات المستخدمة صالحة ولا ادوات الانتاج صالحة , فالقانون لا ينتج بأي حال حكومة برلمانية بل ان احسن احواله تفرز حكومة توافقية من سياسيين مشهود لهم بالنزاهة وتكنوقراط يملك مهارة وكفاءة مربوطتان بفهم عميق لضرورة ربط الخدمة بالاسعار بالواقع الاجتماعي .
محاولات النواب غزل سجادة يجلس عليها فريق حكومي خارج من رحم الفهم لطبيعة وظروف الحكومة البرلمانية تصطدم واقعا بعقبات الفردية والمناطقية والجهوية وبطبيعة وصول النواب الى القبة , فهم وصلوا فرادى ولم يصلوا زرافات حتى يكون التناغم حاصل بينهم قبل القبة .
رحلة الحكومة البرلمانية رحلة طويلة وتطلب بناءات خاصة قانونية وتشريعية وحزبية , وليست مجرد رغبة نواب متحمسين يريدون تبييض صفحتهم مع شارعهم الانتخابي ولا رحلة مقاتلين يريدون العودة بأكاليل الغار حتى لو كان النصر وهميا او كان الخصم هو نفسه الحليف او الشقيق .
الظرف الموضوعي يقول ان يقوم الملك بتسمية رئيس الوزراء وان يقوم النواب بفرض شروط صارمة على النزاهة والكفاءة وعدم الخضوع لمنطق المحاصصة والجغرافيا السياسية المقيتة وان ينشغل النواب بتطوير الواقع البرلماني نفسه عبر الاسراع بتعديل نظامهم الداخلي حتى يحترم الكتل وتطوير قانون الانتخاب ليقبل القوائم الحزبية ويعيد رسم المقاعد الفردية بعدالة .
اما ان يحاول النواب ترسيم المشهد بالعين الزائغة ذاتها وبتخليق حكومة برلمانية من رحم برلمان فردي لم يصل بعد الى توافق ولو بسيط حيال شكل الحكومة وطبيعة شخوصها ولم يصل الى كتلة برامجية واحدة لها صمغها السياسي او الاجتماعي لضمان عدم التناثر والتمزق , فهي محاولة بائسة ولن يكون لها حظوظ في النجاح بل ستخلق صورة كئيبة لنواب لما تسخن مقاعدهم بعد .
ابسط الاشياء ان يعرف النائب واقعه السياسي والفضاء الاجتماعي الذي يسير في فلكه وبعدها يطرح العطاء لشكل الحافلة او مركبة الفضاء حتى لا يسافر الى القمر بحافلة النقل العام .
الدستور