قالوا في مشاورات النواب على الحكومة و"الوزرنة"
25-02-2013 05:43 AM
عمون - ركزت مقالات عدة في الصحف اليومية الصادرة الاثنين على المشاورات التي اجراها رئيس الديوان الملكي فايز الطراونة مع النواب حول شكل الحكومة المقبلة والحراك النيابي في هذا الصدد.
ولوحظ أن كتابا انتقدوا التوجه النيابي المطالب بوزرنة أعضاء من مجلس النواب في الحكومة المقبلة.
* غيشان :
وكتب الزميل نبيل غيشان في يومية العرب اليوم تحت عنوان "المؤشرات باتجاه النسور" :
تكاد خيوط المشاورات النيابية الجارية تتجمع في بؤرة واحدة تصبّ في صالح رئيس الوزراء الحالي د.عبدالله النسور، فقد اتفقت الاغلبية النيابية (إن صحّ التعبير) المكونة من أربع كتل (وطن 27، التجمع الديمقراطي 24، الوعد الحر 18، الوسط الاسلامي15) على وضع القصر الملكي أمام خيارين يمران عبر مجلس النواب، الاول باختيار حكومة برلمانية كاملة من مجلس النواب (رئيسا ووزراء) والثاني اختيار رئيس من خارج البرلمان مع توزير نصف طاقمه من النواب.
طبعا هناك كتلتان اعلنتا ترشيح النسور وكتلة ثالثة تسير في الاتجاه نفسه، ويبدو أن السيناريو الاقرب للتنفيذ هو تكليف النسور بتشكيل الحكومة مع اشتراط توزير عدد من النواب باعطاء كوتا لكل كتلة ودعوتها لتسمية وزير او اثنين، لكن هذا الشرط سيكون مرهونا بتكليف الرئيس أولا الذي يبدأ مشاروات جديدة مع الكتل لتسمية الطاقم الوزاري.
بالفعل مخاض طويل لا يستحق كل هذا الوقت وهذا العناء، وأثار شكوكا شعبية بأن المشاروات شكلية والطبخة جاهزة، فالاصل أن تكون الاغلبية النيابية بارزة وقوية وقادرة على اتخاذ قرار حاسم في تسمية الرئيس الجديد أو وضع برنامج سياسي واقتصادي تطلب على اساسه أن يكلف جلالة الملك شخصية قادرة على تنفيذه تحت طائلة المسؤولية والمساءلة تحت قبة البرلمان.
لقد حدّد جلالة الملك في خطاب العرش قواعد جديدة للعبة السياسية بعد أن وضعها كاملة في عهدة مجلس النواب المسؤول الاول والمباشر عن إعطاء الثقة للحكومة مجددا خضوع النواب لمساءلة الشعب عن مواقفهم، وهي خطوط تتطلب من كل طرف أن يكون واضحا ويمارس مسؤولياته كاملة غير منقوصة، فمجلس النواب يضطلع بدور الرقابة على الحكومة والتشريع والحكومة تقوم بدورها كسلطة تنفيذية.
إنها قواعد جديدة للعبة البرلمانية والسياسية، فمن لا يعجبه من النواب الافراد او الكتل هذا الاسم لا يرشحه لرئاسة الحكومة ومن لديه (فيتو) على أحد فليعلنه، الملك قلَب المعادلة أمام النواب والاحزاب وأمام الاردنيين، وأصبح كل طرف يعرف مهامه وهو مسؤول عنها ولم تعد هناك تعليمات تأتي من فوق.
لكن للأسف فإن الاغلبية النيابية تحاول تغيير المعادلة والعرف المستقر بالفصل بين النيابة والوزارة، وهو مبدأ ثابت في الدستور الاردني، لأن مجلس النواب كسلطة رقابة والتشريع يختلف بل يتعارض مع مهام الحكومة كسلطة تنفيذية ودمجهما في واحد يعني انقلابا على الاسس الدستورية، وبذلك يكون النائب قد أخلّ بتمثيله للناخبين الذين انتدبوه لتمثيلهم تحت قبة البرلمان والدفاع عن مصالحهم.
وهناك من يقول بان الديمقراطيات في العالم تعطي حزب الاغلبية البرلمانية حقّ تشكيل الحكومة لكن للاسف ليس لدينا هذا الحزب بل لدينا كتل تجمعت بدون روابط فكرية وسياسية حقيقية، وهناك فرق شاسع بين توزير النواب وتشكيل حزب الاغلبية للحكومة، فالمهم أن لا يحمل النائب حقيبة وزارية لانه بذلك يكون يتقمص شخصيتين، المراقب والمنفذ.
في الحالة الاردنية الراهنة فإن الجمع بين السلطتين خطير، لأن الروابط في مجلس النواب ما زالت هشّة ولا تقوم على أحزاب قوية تسندها برامج فكرية وسياسية، بل إن الكتل النيابية تجمعت بناء على العلاقات الشخصية أو حول برنامج لم يختبر بعد، وهنا ستكون المصالح الشخصية هي المحرك الرئيسي في عملية تشكيل الحكومات ويصبح كل نائب طامحا في دخول الحكومة أو يرغب في توزير أحد أقاربه أو مدير حملته الانتخابية.
النيابة مهمة بتكليف شعبي والوزارة وظيفة بتكليف رسمي والفارق بينهما عميق جدا والفصل بينهما مهمة وطنية لا يجوز التخاذل فيها.
* ابو رمان :
اما الزميل محمد ابو رمان فكتب في يومية الغد مقالا بعنوان "اختراع رديء!"
في ضوء الارتباك النيابي الحالي، إذا لم تحدث مفاجأة كبيرة، فإنّ فرصة د. عبدالله النسور بالبقاء رئيساً للوزراء، ستكون كبيرة. وهو الخيار الذي أعلنت عنه كتلتان صغيرتان، بينما ما يزال الديوان الملكي ينتظر مواقف الكتل النيابية الأخرى.
على الطرف الآخر، لم تسفر- إلى الآن- حوارات الكتل الكبيرة (التي تسعى إلى تشكيل ائتلاف الأغلبية البرلمانية)، مثل وطن والوعد الحر والوسط والتجمع الديمقراطي، عن نتيجة محدّدة، مع استمرار الاختلاف في وجهات النظر حول تسمية رئيس مقترح، وأيضاً مسألة الجمع بين الحقيبة الوزارية والمقعد النيابي.
في حال بقاء النسور رئيساً للوزراء، فإنّ لدينا سيناريوهات متعددة لصيغة الحكومة المنتظرة. فهنالك من النواب من يدعو إلى تشكيل حكومة مختلطة، تضم عدداً من النواب؛ فيما بدأ يتنامى تصوّر آخر يقتضي بأن يترك النواب لرئيس الوزراء، عبدالله النسور، مسؤولية تشكيل الحكومة الجديدة، إلى أن يقوم المجلس بتعديل النظام الداخلي، بما يقوي الكتل ويمنحها صيغة مؤسسية، ثم يشكل النواب الحكومة البرلمانية مع الدورة البرلمانية العادية الأولى.
مما يدفع نحو تعزيز خيار النسور عجز الكتل النيابية عن تسمية مرشّح توافقي للموقع، أو حتى تقديم أسماء يمكن أن يدير الديوان الملكي نقاشاً حولها، مع وجود قناعة متداولة في أوساط نيابية (تنفيها المصادر الرسمية بقوة) بأنّ رغبة "مطبخ القرار" تكمن في إعادة تكليف النسور بالرئاسة. وهي قناعة - سواء كانت صحيحة أم خاطئة- تضرّ بالنسور نفسه، الذي يبدو وكأنه مفروض (بطريقة مختلفة) وليس مرشّحاً توافقياً. كما تضرّ كذلك بالعملية السياسية بأسرها؛ إذ تبدو في نهاية اليوم وكأنّها شكلية بلا قيمة حقيقية، وقد تعصف بسمعة وصورة مجلس النواب الجديد منذ الأيام الأولى، بوصفه استمراراً للمجالس السابقة وصيغة العلاقة المختلة بينها وبين السلطة التنفيذية.
برأي عدد كبير من المراقبين والسياسيين، قد يكون النسور من أقوى رؤساء الحكومات خلال العقد الأخير، ويتمتع بذكاء سياسي، ويعدّ رجل دولة بامتياز. وإذا كان البعض يأخذ عليه قرار رفع الأسعار، فإنّ اقتصاديين يرون أنّ هذا القرار أنقذ الموازنة والاقتصاد الوطني، مع شحّ البدائل الاقتصادية الواقعية، في وقت محدود ولحظة سياسية حرجة. إلاّ أنّ المرحلة التي جاء فيها الرجل هي التي تجعل منه اليوم خياراً غير مرحّب به الآن لدى نخبة واسعة من النواب، تريد إثبات استقلالية المجلس ورفع المظلة الرسمية عنه عبر تقديم مرشّح جديد للموقع!
المشكلة تبدو أكثر تعقيداً إذا ما أصرّ النواب بأن يكون هنالك تمثيل نيابي داخل الحكومة؛ إذ سيؤدي ذلك إلى تعزيز الخلافات داخل الكتل نفسها، ويهدد تماسكها ووحدتها، وربما يعصف بمحاولات تشكيل ائتلافات ذات أغلبية تمثّل رافعة برلمانية للحكومة.
إلى الآن، تبدو الحيرة كبيرة في أوساط مجلس النواب، وتقود إلى حالة من التخبط ومحاولة اجتراح سيناريوهات هجينة؛ ما بين الاكتفاء بمشاورات شكلية تفضي إلى تفويض صاحب القرار بتسمية الرئيس، إلى المطالبة بحكومة برلمانية كاملة الدسم، تتشكل من رئيس ووزراء من رحم مجلس النواب، في محاكاة للتجارب الغربية التي تتوافر على بنية حزبية وسياسية قوية، لا كما هي الحال في مجلسنا الموقّر.
في خضم هذا المخاض وفقدان البوصلة والقدرة على ترسيم حدود الدور السياسي الواقعي للمجلس والمضي خطوات مدروسة للأمام، يبدو أن الحكومة التي يمكن أن تنتج ضمن المؤشرات الحالية أقرب إلى كائن سياسي مشوّه، يصعب تصنيفه ضمن أدبيات الأنظمة السياسية المعروفة؛ فلا هو خاضع للصيغة السياسية السابقة، ولا يعتبر حكومة برلمانية، فهو اختراع أردني، لكنه بكل المواصفات يعتبر رديئاً، إلاّ إذا غيّر النواب المسار الحالي عبر طرح اسم رئيس وزراء يمكن أن يحدث فرقاً في التوقعات الحالية، ويمثّل خياراً يبعث برسالة مختلفة عما يجري تداوله اليوم من تحليلات!
* فراعنة :
في مقالته بيومية الرأي "نحو مجلس نيابي راسخ " كتب حمادة فراعنة :
قطع النواب وكتلهم شوطاً في التوصل إلى صيغ باتت أكثر وضوحاً وواقعية نحو إختيار شخص رئيس الورزاء، بعد أن إستنفذوا الجولة الأولى من المشاورات بوضع المفاهيم والدلالات بدون طرح الأسماء، حتى جاء الوضوح من كتلة الوفاق بعرض إسم د. عبد الله النسور الذي بات الأسم الوحيد المقدم على طاولة المشاورات، وسواء تم الإتفاق عليه وترجيحه، أو تمت الاستعانة بأسماء أخرى، فقد سجلت الوفاق السابقة قبل غيرها من الكتل وهو المطلوب تحديداً ومن مهمة التكليف الجارية.
شعبنا منح ثقته للنواب، كي يكونوا نواباً، وهي مهمة ووظيفة رفيعة المستوى بالمكانة والمضمون، تستحق المباهاة، لا تستكمل مؤسسات الدولة عملها وحمايتها بدون أداء نيابي يقظ ومهني دقيق يتطلب التفرغ والتأني لمن يرغب أن يكون نائباً ناجحاً وفق وعوده أولاً ووفق إنحيازات الناخبين له لأن يكون نائباً يستحق ثقتهم.
لقد قبل الذين شاركوا في العملية الإنتخابية لمجلس النواب، بالخيار الإصلاحي التدريجي المتعدد المراحل، وخارطة الطريق واضحة في هذا المجال، فالتعديلات الدستورية مهمة وهي ليست نهائية، وقانون الإنتخاب ليس مثالياً وهو على جدول الأعمال، والمشاورات الجارية ليست النموذج ولكنها شكل من أشكال المشاركة وصولاً إلى حكومات برلمانية حزبية.
أما الذين إستنكفوا فهم الذين إختاروا حرق المراحل، معتمدين على عاملين هما قوتهم الذاتية المحلية ومساندة قومية ودعم دولي، والعاملان لا يتوفران إلا لحركة سياسية واحدة عابرة للحدود، لا تتوفر للقوى السياسية من الإتجاهات الوطنية والقومية واليسارية، ولذلك على الذين إختاروا الأنحياز نحو الحل التدريجي المتعدد المراحل أن يستوفوا شروط التدرج والخطوات المتلاحقة كي يرسخوا تقاليد محلية وطنية، تسمح ببناء نيابي يحظى بثقة الأردنيين وتحمي مصالحهم وتراكم الخبرات لدى مشرعين ذوي إختصاص، وتسير جنباً إلى جنب مع بناء حزبي مؤهل يأخذ طريقه نحو القوة والجذب والمصداقية.
مؤسسة النيابة، بحاجة للترسيخ والمصداقية، ودورها الوظيفي والمهني، في غاية الأهمية، ولذلك لتكن النيابة في خندق والوزارة في خندق أخر، فالتجارب في العلاقة بين الطرفين ما بين التداخل أو الفصل ليست واحدة، وتحتكم للتجارب الحسية لكل شعب، ولهذا يمكن لمجلس النواب أن يؤدي دوره بدون مشاركة أعضائه بالوزارة بشكل مباشر، مع حق الكتل النيابية أن يكون لها الدور في ترشيح الوزراء من قبلهم، ويبقى دورهم التشريعي قائماً ونافذاً ومحصناً في نفس الوقت، والتداخل ما بين النيابة والوزارة، تسمح ببروز إشكالات معيقة للعمل النيابي وللعمل الحكومي، ليسوا بحاجة لها، ومجلسنا النيابي المنتخب بحاجة لأن يفرض شخصيته النيابية ويؤدي دوره قبل أي مهمة أخرى.
* الرنتيسي :
وتحت عنوان "النواب يلعبون بعدّاد عمرهم" كتب الزميل اسامة الرنتيسي في العرب اليوم :
ما يفكر به بعض النواب، أو ما تفتقت به قريحة الائتلاف النيابي المكون من أربعة كتل برلمانية، وتضم 84 نائبا، واجتراح إعادة فكرة توزير النواب، من خلال الحكومة البرلمانية، كارثة بكل المقاييس:.
أولا؛ مجلس النواب يلعب في عدّاد عمره من الدورة الأولى، فهو يعطي كل المناهضين له ذخيرة للهجوم عليه، وعلى ما يفكر به أعضاؤه، صحيح أن الهجوم بدأ قبل أن تخرج هذه ألافكار العبقرية من المجلس، لكن الهجوم المقبل سوف يكون اكثر شراسة.
ثانيا؛ هذه الفكرة تفقد المجلس وظيفته التشريعية ومحاسبة السلطة التنفيذية، فكيف سيقوم البرلماني بالمهمتين معا، وأين هي النوعيات العبقرية التي وصلت إلى المجلس وقادرة على تنفيذ المهمتين التشريعية والتنفيذية، صحيح اننا في انتظار بروز نواب جدد في المهمة التشريعية، وحماية حقوق الناس، لكننا لم نفكر لحظة أن يكون هؤلاء في السلطة التنفيذية.
ثالثا؛ التوزير النيابي، محاولة لتجديد التواطؤ القائم بين مجالس النواب والحكومات، وهو تواطؤ كان قائما في السابق، ويبدو أن بعض النواب يحاولون إدامته من جديد.
رابعا؛ إذا نجح النواب في هذا التوجه، ورضيت به مراكز صنع القرار، فإن هذه محاولة لاستدراج النواب إلى ثقة عالية، كالتي حصلت عليها حكومة الـ "111 صوتا" وسقطت بعدها بشهر.
خامسا؛ الجشع الغريب الذي يبديه النواب في الحصول على مواقع ليست لهم، فيه تجاوز على التصويت الشعبي الذي أوصلهم إلى مجلس النواب، ولم يتم التصويت لهم للوصول إلى مقاعد الحكومة.
سادسا؛ لنا من التجارب التي مرت علينا في التسعينيات، والحكومات البرلمانية، أمثلة على أن أسوأ القوانين والقرارات تم تمريرها وتشريعها في تلك الفترة، وفي حكومات عبدالسلام المجالي ومضر بدران، وعبدالكريم الكباريتي، فهل نعود بعد هذه السنوات لنجرب المُجرّب.
سابعا؛ قضية توزير النواب "أو تزوير لا فرق"، ومع أنها لا تتعارض مع المبدأ الدستوري، لكنها تخل بمبدأ الفصل بين السلطات، والمجتمع يدفع ودفع ضريبة كبيرة، نتيجة الخلط بين السلطات، أو تغول واحدة على الأخرى، وبما أن المواطن هو الحلقة الأضعف بين هذه السلطات، فمن الأولى أن يبقى أعضاء السلطة التشريعية في صف المواطن، وأن يكونوا معه لا عليه.
ثامنا؛ كارثة عدم استثمار الفرصة الذهبية التي منحت للنواب من خلال المشاورات لطرح رأيهم في رئيس الحكومة القادم ومواصفاته، لخلق جو برلماني وسياسي وإصلاحي يفتح على تعديلات دستورية جديدة، ومن الخطأ أن يرضى رأس الدولة أن يعيد النواب الكرة إلى ملعبه، من دون تحديد رئيس وزراء يتحمل النواب وزر اختياره، أمامهم وأمام المواطنين في قابل الأيام.
* المومني :
وفي يومية الغد كتب د. محمد المومني مقالا بعنوان : المتوقع من الكتل النيابية :
بشيء من الإحباط، يتابع الرأي العام تعامل الكتل النيابية مع استحقاق الحكومة البرلمانية الذي رتب عليها ضرورة التوافق داخليا على أسماء محددة، وبرامج معرّفة ضمن توجهات سياسية، بالإضافة إلى بناء تحالفات بينية لعدد من الكتل، تؤمّن لما سيتم طرحه من برامج وأشخاص أغلبية برلمانية.
بعض الكتل أدركت المطلوب منها بوضوح وبدون مواربة، بناء على ما سمعته من دولة رئيس الديوان الملكي المكلف بهذا الملف الاستراتيجي؛ وبناء على ما رصدته من تصريحات وسمعته أيضا من جلالة الملك. وهذه الكتل تعكف الآن على إنجاز ما هو مطلوب منها من اقتراحات محددة، تتحمل مسؤوليتها أمام الرأي العام وقواعدها السياسية. في المقابل، فإن كتلا أخرى تتهرب من الاستحقاق، وأداؤها السياسي لا يؤشر على رغبة في الاضطلاع بمسؤولية ما تقتضيه المرحلة؛ وهي تعلن أنها تفضل أن يبقى أمر اختيار رئيس الوزراء لجلالة الملك، ما يعبر عن قراءة غير دقيقة لمتطلبات مشروع الإصلاح السياسي الذي نبني، ويستوجب تحمل الكتل المسؤولية السياسية عن اختيار رئيس الوزراء والوزراء، بعد أن تنازلت الدولة طوعا عن ذلك ضمن رؤيتها السياسية الإصلاحية المعلنة.
على الكتل أن تعي أن دور الدولة في مرحلة تشكيل الحكومة البرلمانية كما اختطته، يكمن في الاستماع والتأكيد على ضرورة تقديم مقترحات محددة، يتحمل مسؤوليتها السياسية من يقدمها. وفي هذا النهج كثير من الرقي السياسي، وانسجام مع تاريخ الأردن التشاوري. وحدود الدور التشاوري الذي رسمته الدولة لنفسها تفضي إلى ضرورة قيام الكتل بالدور المطلوب منها. وعدم خبرة الكتل بالتوافق والائتلاف السياسيين لن يعفيها من مسؤولياتها التاريخية التي تتطلبها المرحلة. وإن لم تقم الكتل بالمطلوب السياسي منها، فستكون مضطرة إلى التعامل مع مقترحات وترشيحات غيرها. وقد تبادر الدولة في هكذا حالة إلى استمزاج الكتل التي لم ترشح أحدا بالأسماء التي رشحها غيرها، أو قد يتم تكليف صاحب أفضل الفرص بالثقة بناء على الترشيحات الواردة. فإن لم يحصل على الثقة، سيكلف غيره من أولئك الذين تم ترشيحهم.. وهكذا، إلى أن نحصل على حكومة برلمانية منبثقة عن رغبة مباشرة للنواب والكتل النيابية.
العملية على صعوبتها، والوقت الذي قد تتطلبه، ما تزال صحية وديمقراطية، الكاسب الأكبر منها هو الدولة التي رسخت مصداقية لوعودها الإصلاحية، وأخرجت نفسها من دائرة النقد المرتبط بالسياسات واختيار القيادات.
ويجب أن نتذكر أن المداولات الجارية الآن غير مسبوقة؛ فنحن نؤسس ونتعلم تشكيل الحكومات البرلمانية على الطريقة الأردنية. وهذا يتطلب من الجميع الروية، والمساهمة في الاقتراح، والتفاعل مع تداعيات ما يحدث، ضمن روحية الأردن الديمقراطي الذي نريد. كما يتطلب من الكتل النيابية تجاوز الأطر السياسية السابقة التي حكمت المشهد السياسي في الأردن؛ فتلك أدت مهمتها، ونحن الآن بصدد عهد جديد، يعيد تعريف آليات تحديد السياسات، واختيار القيادات، والأدوار الجديدة المؤملة منها.
* الزعبي :
وكتب عدنان الزعبي في العرب اليوم "لماذا يصرّ النواب على الوزرنه؟"
من الصواب أن لا يفكر النواب بمسألة الوزرنه؛ لأن دورهم الحقيقي يكمن في المراقبة والتشريع وتصويب مسيرة الحكومة في اي انحراف أو خروج عن البرنامج الذي نالت على أساسه ثقة النواب .
النواب اليوم وبالفرصة التي منحهم إياها الملك في تحديد رئيس وأعضاء الحكومة يحددون البرنامج الذي يجب على الحكومة اتباعه وتنفيذه ، والذي يتضمن الأولويات الوطنية والسياسات التي تعالج العديد من التحديات الاقتصادية بدءا بشربة الماء مرورا بالبطالة والفقر والطاقة والفساد .....الخ
وهذا يحتاج إلى تفرغ النواب الكامل لمسؤولية النيابة التي تحتاج إلى المزيد من الجهد والبحث والاطلاع والرجوع إلى القواعد الشعبية والتحاور معهم ، وهذا بحد ذاته جهد لا يمكّن النائب من ممارسة دور الوزير الذي يحتاج أيضاً إلى جهد مضاعف للقيام بواجبه ؛ بالتالي فإن دمج النيابة والوزرنة يعني انتقاصا طبيعيا من أداء الواجب لكلا المسؤوليتين .
ظروف الدول التي تشترط وزرنة النائب تختلف كليا عن طبيعة واقعنا السياسي وفي مقدمة الأسباب غياب البعد الحزبي الذي يمثل الأغلبية داخل المجلس ، ومتى استطعنا ان نسموا وننضج حزبيا أو عندما يتنافس حزبان أو ثلاثة على الأقل سنجد أن الحكومة البرلمانية الخاصة هي الأجدر بتنفيذ برنامجها الذي فازت على إثره بثقة الناس في الانتخابات .
الحالة الاردنية ما زالت في مرحلة الخداج لكن نموها يبدو سريعا ، ولا بد من تهيئة الظروف كافة لتعزيز مفاهيم الحزبية وسلوكياتها وجعلها لغة المدرسة والجامعة والشارع والمنتدى ومراكز الشباب ، وأن تكون الحزبية لغة الخطاب ومضمونه في المناهج والمطبوعات في الكتب والكراسات بحيث تصبح الثقافة والفكر الوطني مبنيان بالأساس على الحزبية.
النواب هم الأساس في التأسيس لعملية الإصلاح الشامل وأول عناصرها تكامل عمل النواب والحكومة وتشاركهما لتحقيق الأهداف المرجوة ، ولن ينجح النائب اذا حمل بطيختين ومن ادعى غير ذلك فقد ظلم نفسه وظلم الوطن ، فهل ينتصر النواب لأنفسهم وللوطن.
* الفانك :
وفي يومية الرأي كتب الدكتور فهد الفانك مقالا بعنوان "حكومة كفاءات أم سياسيين؟ " :
أحد الموضوعات الخاضعة للنقاش هذه الأيام سواء في الأردن أو في غيره من الأقطار العربية التي شهدت قدراً من الإصلاح السياسي هو ما إذا كان من الأفضل تشكيل حكومة سياسيين من قادة الأحزاب مع ما يتبع ذلك من صراعات وتقلبات، أم حكومة كفاءات تركز على الإنجاز والنمو دون إثارة خلافات ساخنة واجتهادات متناقضة.
الفرضية الخاطئة في هذا المجال هي أن الخيار يقع بين سياسي لا يتمتع بالكفاءة والخبرة العملية، وبين كفؤ لا يفهم ولا يتدخل في السياسة، وعلى استعداد للتعاون مع أي رئيس، وتنفيد أية سياسة تطلب منه، فمهمته ليست تحديد السياسات والاهداف بل تنفيذها بأفضل الطرق كما يفعل الوزراء العابرون للحكومات.
في الحياة العملية هناك سياسيون من ذوي الكفاءات العالية والتخصص العلمي، وهناك فنيون يمارسون السياسة وربما كانوا قد تربوا في حضن الاحزاب السياسية.
في الأصل أن الوزير سياسي والأمين العام فني. والمقصود أن السياسي يتمتع بأفق معين وتوجه عام وأهداف، وأن على الامين العام وجهاز الموظفين أن يعملوا فنياً على تحقيق الهدف المقرر سياسياً.
حكومة الكفاءات ليست هي الحالة المثلى، ولا تنافس الحكومـة السياسية، وتأتي في العادة حلاً لأشكال الخلاف بين السياسيين فتكون حكومة الكفاءات هي الحل.
في تاريخ الأردن الحكومي يختلط السياسيون بالفنيين، مع غلبة إحدى الصفتين في كل حالة، وصفي التل مثلاً سياسي أولاً وكفاءة فنية ثانياً، وزميله الثاني خليل السالم كفاءة فنية من الصنف الأولى، أما الزميل الثالث حمد الفرحان فهو سياسي بالدرجة الأولى ولو أنه أمضى معظم حيانه العملية وكيلاً للوزارة. رحمهم الله جميعأً.
الحكومة البرلمانية سياسية بالتعريف، والديمقراطية يبنيها السياسيون ويهدمها السياسيون، أما الكفاءات فهي قادرة على أن تلعب دور المطية وعلى استعداد لخدمة أي مستبد أو دكتاتور.
في تونس مثلاً رئيس حكومة سياسي (الجبالي) وقد دبت الخلافات في الحكومة على أثر اغتيال المعارض (بلعيد) فكان الحل في رأيه أن يعيد تشكيل الحكومة من الكفاءات، وبهذا يضمن رؤيته السياسية وأهدافه، ويحصل على مجموعة كفاءات تستطيع أن تخدمه دون أن تزعجه باجتهاداتها وتوجهاتها.
إذا لم يستطع مجلس نوابنا الجديد أن يتوافق على رئيس حكومة فالحل يكمن في تكليف رئيس سياسي واقتصادي وطاقم وزاري فني، الرئيس مسؤول عن رسم الاتجاه العام، والوزراء مسؤولون عن التنفيذ.
* الحطاب :
الكاتب في يومية الرأي سلطان الحطاب عنون مقالته ب "ماراثون الحوار لانتخاب الرئيس.. تقليد هام " :
تابعت الحوارات التي تجري في الديوان الملكي من خلال شخصيات نيابية شاركت في الحوار عبر كتل ثابتة ومتحركة، فما زالت الكتل التي يجري معها الحوار بخصوص اختيار رئيس الوزراء متماسكة أثناء المداولات والحوارات وقد لا يتوفر هذا التماسك لاحقاً حين يحسم الأمر باعلان النتائج.
الجيد في المسألة كلها أن ماراثون الحوار الذي يقوده الدكتور فايز الطراونة رئيس الوزراء مستمر منذ أيام ولم ينقطع إلا حين غادر الطراونة قاعة الحوار إلى موسكو برفقة جلالة الملك الذي اطلع منه حتى أثناء الزيارة على التفاصيل وارتاح لأن مفاهيم جديدة استقرت وجرى الأخذ بها ومفهوم الحوار الذي أصبح الآن تقليداً لا بد من تكريسه والتأكيد عليه بغض النظر عن النتائج وقد عاد الحوار في اليوم التالي مباشرة.
التمرين الذي جرى بذخيرة الحوار الحي مكّن صاحب القرار من الاطلاع على آراء متعددة بعضها جديد وآخر تقليدي، كما ان هذا الحوار نبه النواب وأبرز وجهات النظر ليقطع الطريق على المزايدين من الذين رفضوا المشاركة في الانتخابات على اعتبار أنها لا تتيح مثل هذه الحوارات التي تستطيع كل الأطراف أن تقدم الراي فيها بل وتتوافق على نتائج من خلالها.
ويبدو أن الكم الكبير من الحوار العمودي والأفقي مع رؤساء الكتل وأعضائها وحتى الاستماع لوجهات نظر نواب أفراد والذي تخلل بعضه عصف ذهني اكثر منه حوار على برامج محددة أو اجندة مكتوبة..يبدو أنه كثف النتائج لصالح وجهتي نظر اساسيتين إحداهما طرحها ائتلاف وضع في حسابه (84) نائباً من أربع كتل وقد طرح خيارين ووصل إلى تصور أول هو أن يختار الملك رئيس الوزاره من الائتلاف النيابي لـ (84) والثاني أن يترك للملك اختيار رئيس الوزراء من خارج البرلمان على أن يكون نصف أعضاء الفريق الوزاري من مجلس النواب أي أن يجري توزير النواب بواقع حده الأدنى (10) حقائب وفي الكفة الأخرى من الحوارات مررت كتلة الاتحاد الوطني المكونة من عشرة نواب اقتراحاً يرشح الدكتور عبد الله النسور لرئاسة الوزراء وهذا الترشيح يصب إلى جانب ما دعت اليه كتلة الوفاق التي تضم (18) نائباً..
في ما أجريته من حوارات جانبية على سبيل استطلاع الرأي مع أصدقاء من المجلس ومراقبين لاحظت أن الكفة تميل لصالح اختيار الدكتور النسور الذي تعاضده شخصيات عديدة في مجلس الأعيان وكذلك رئيس مجلس النواب كما أن الدكتور النسور لم يتوقف عن إجراء اتصالات واسعة ومستمرة لكسب مواقف النواب إلى جانبه وهي مسألة مشروعة فالحوار وحده وسيلة الاقناع التي على رؤساء الحكومات في كل المراحل أن يستعملوها وبصورة حرفية ومستمرة.
ما زلت أذكر حكومة الدكتور عبد السلام المجالي عام 1994 والتي فازت بـ 41 صوتاً من أصل ثمانين هم أعضاء المجلس وهذه أقل نسبة يحوز عليها رئيس وزراء منذ استئناف الحياة الديموقراطية عام 1989 وأذكر أن الدكتور المجالي كما أخبرني لم يقم بأي اتصالات مع النواب كما انه الغى فكرة توزيرهم الذي كان معمولاً به في برلمان 1989 ولولا تحرك الراحل الشريف زيد بن شاكر في الديوان الملكي في ربع الساعة الأخير على وجه التحديد لا المجاز لظل الرقم ربما أقل من أربعين وهذا كان يسبب آنذاك احراجاً كبيراً لاختيار الملك للدكتور عبدالسلام المجالي.
الآن الدنيا تغيرت واذا لم يبرع أي رئيس وزراء مقترع من داخل البرلمان أو خارجه في إدارة اللعبة وبأعلى مستويات الحوار والكولسة والاتصالات وحتى التحريض الايجابي والتخذيل الشريف فإنه لن يفوز ولن يعلق بشباكه صيد.
أغلبية ترى أن الوقت ليس مناسباً لانتخاب رئيس الوزراء من البرلمان في هذه اللحظة وأن على البرلمان أن تختمر تجربته لبعض الوقت حتى يكون قادراً على القيام بهذه المهمة وهذا الفريق يجد ان الأنسب هو أن يعين الملك رئيس الوزراء سواء من البرلمان أو خارجه ليطرح بموضوعية على النواب ليكسب ثقتهم دون أي تدخل من اي طرف باعتبار أن البيئة القائمة الآن في مجلس النواب ليست بيئة حزبية قادرة على بناء ائتلافات صلبة وواضحة وقادرة على الانتخاب وأن هذا يستلزم بعض الوقت المقترن بتعديل قانون انتخاب يدفع بالعمل الحزبي إلى قبة البرلمان لتكون الاحزاب قادرة على هذا الحسم بكتل ائتلافية حقيقية، ويبدو أن الميزان ما زال حتى هذه اللحظة يميل لصالح اعادة تكليف الدكتور النسور وان بوسائل مختلفة.