بداية من الضروري التعريف بهذا المصطلح، وهو باختصار دراما تلفزيونية أو إذاعية هادفة، تستقطب عقول وأنظار وربما قلوب الجمهور، وتكون عادة، يومية أو أسبوعية، وهي متسلسلة وقد تستمر في العرض لأسابيع أو لأشهر أو حتى لسنوات، وتدخل في تفاصيل التفاصيل، ولا يكون الفرق في الإنجاز أو بين الحلقة والحلقة التي تليها كبير.
وهنا أجد أنني مضطر لإستخدام هذه المقارنة بين ما يحصل في السوب أوبرا من اطالة وتكرار، وبالمقابل ما يمكن أن يحصل في مسلسل المشاورات التي تجري حالياً مع السادة النواب الكرام، بهدف الوصول إلى صفات وملامح وربما شخص رئيس الوزراء القادم كمرحلة أولى، ومن ثم إعادة الكَرّة بين الرئيس القادم المكلف مع أعضاء وكتل المجلس الموقر مرة أخرى على الأقل، بهدف الوصول الى شخوص السادة الوزراء المرتقبين.
فلو افترضنا وكما هو واضح، بأن الزمن اللازم للتوافق على شخص رئيس الوزراء استغرق اسبوعين مثلاً، وأن عدد الوزراء المتوقع تكليفهم هو بضعة وعشرون وزيراً، وإذا كانت تلك المفاوضات والمشاورات ستناقش موقع كل وزير بشكل منفَصِل ومُفصَل ومُتمَعِن، فهذا يعني أننا أمام فترة تشاور قد تصل إلى أشهر، وهذا ما لا طاقة لنا به نحن المواطنين، وليس مقبولاً قانونيا أو عملياً.
وبناء عليه فإننا نحن المشاهدون "في هذه الحالة"، المنتظرين بفارغ الصبر ما ستؤول اليه توافقاتكم، لسنا كمن يشاهد أحداث "أوبرا" درامية تلفزيونية عابرة، ولكنها مصيرية تمس مستقبل كل واحد منا، ونرى انفسنا جزء رئيسي من العمل منذ بدايته، ولا نرغب لهذه الأوبرا أن تطول إذ المهم أن يتفرغ المجلسان لنا، أقصد "للتشريعات"، فبعضها ضاغط لا يحتمل الإنتظار. بمعنى آخر، لا نريد أن يدخل مجلس النواب الموقَر ورئيس الديوان الملكي العامر في هذه المرحلة "الأولى" بسلسلة ممتدة من الأخذ والعطاء لأكثر مما يجب، وكذلك الحال بين رئيس الوزراء المكلف المنتظر ومجلس النواب في المرحلة اللاحقة لذلك، مرحلة اختيار الوزراء الجدد.
على أي حال، إننا نعول على حكمة، ومنطقية، وجدية، وفطنة، وسرعة بديهة كلا الطرفين في أنجاز المهمة، لا متسرعين، ولا مطولين، فالمهمة المُلقات على عاتقهم ليست بالسهلة، ونحن لا نلومهم على أخذ الوقت اللازم المعقول لذلك، فهم مشاوِرون ومستشارون، والمستشار مؤتمن، ونعلم أنهم بذلك يقدمون مصلحة الوطن والمواطن على أي اعتبار آخر، فليست العبرة فقط في تمحيص شخص رئيس الوزراء وشخوص أعضاء فريقه الوزاري، بمقدار نجاعة برامجهم الإصلاحية الواعدة، الناهضة بالوطن والمواطن، والوصول إلى ذلك بأقصر وقت، فليس الوقت لصالح أحد، والأهم من ذلك كله هو متابعة أداء مجلس الوزراء مستقبلاً، ودعمه بالنصح والمشورة، فالمتابعة لا تعني بأي حال من الأحوال متابعة الزلات كما يعتقد البعض، بل إن تقديم النصيحة والرأي هي واجب كل مجلس على الآخر، فالكل يعمل لصالح الوطن، ونجاحه نجاح الجميع. لقد انتظر الوطن والمواطن مجلس النواب الجديد بفارغ الصبر، وها هو الأن ينتظر تشكيل مجلس الوزراء الجديد، وهناك العديد من القوانين بحاجة للسَن، وغيرها بحاجة للتعديل، فهل سنبقى ننتظر! ؟
muheilan@hotmail.com