في مشاورات التشكيل .. البرنامج قبل الشخوص
د. اسامة تليلان
20-02-2013 02:23 PM
اي كانت طريقة تشكيل الحكومات طالما انها لا تستطيع ممارسة مهامها الدستورية إلا بالحصول على ثقة البرلمان ولا يوجد قيود قانونية تحول دون قدرة البرلمان على حجب الثقة عنها، هي حكومة برلمانية بشكل او بآخر وان كانت بصورة مبسطة.
وما نحن امامه اليوم ليس اكثر من تطبيق شكل جديد لتشكيل الحكومات يقوم على التشاور مع مجلس النواب، وهذه المهمة بالقطع ليست بديلا عن القنوات الدستورية وفي مقدمتها نيل الحكومة لثقة البرلمان، كحاصل توافق بين الطرفين. بالمقابل فان فكرة التشاور تشكل تمرينا اوليا على طريق تشكيل الحكومات البرلمانية.
هذه الفكرة ربما كانت بحاجة كي تنضج اكثر الى مدة كافية قبل تشكيل الحكومة لمزيد من المشاورات النيابية بين الكتل بغية الوصول الى تشكيل كتلة اغلبية وكتلة اقلية ائتلافية. يبنثق عنها لاحقا مشاروات من اجل تشكيل الحكومة الجديدة. والشروع المباشر في تطوير نظام لتشكيل الكتل البرلمانية لضمان استقرارها.
الحكومة البرلمانية تقوم على فكرة الاغلبية والاقلية وهي ليست فكرة رومانسية وانما تحمل في طياتها اهم وظيفتين للبرلمان ولاي نظام ديمقراطي نيابي وهما تشكيل حكومة تحظى بدعم اغلبية برلمانية تتيح لها الاستقرار النسبي وثانيا وجود اقلية تقوم بدور الرقابة على اداء الحكومة الجديدة وتمثل طيف المعارضة في البرلمان.
المشاورات الحالية لتشكيل الحكومة القادمة ينبغي ان تسير باتجاهين الاول شكلي يتعلق بمواصفات رئيس الوزراء وسيرته الذاتيه والثاني ان تكون المفاضلة على برنامج الحكومة، بحيث يتم التشاور والتوافق مع الكتل على اساس برنامج الحكومة المقترحة القادمة، ومن ثم يصبح معيار الالتزام بتوفير الاغلبية واستمرارها بمقدار ما تلتزم الحكومة بالبرنامج الذي تم التشاور والتوافق عليه. بخلاف ذلك فانه قد لا يكون هناك جديدا يذكر على فكرة الحكومة القادمة.
الحكومات البرلمانية بصورتها الديمقراطية المستقرة تفترض ان تقوم على اساس كتل اغلبية واقلية حزبية، فالكتل الحزبية هي من يؤمن فكرة استقرار الكتل داخل البرلمان، فضلا عن انها كتل تخضع لمعايير مؤسسية في الأداء وبالتالي يصبح تعديل قانون الانتخاب هو المدخل الاساسي والمهمة الفاضلة للمجلس الحالي بغية الوصول الى حالة مستقرة للحكومات البرلمانية التي تستند الى احزاب سياسية كمثيلتها في النظم الديمقراطية النيابية المستقرة في العالم.
يبقى القول ان محاولة الزج في هذا التوقيت وفي ظل هذه التركيبة غير المستقرة للكتل في مجلس النواب بفكرة توزير النواب على اعتبارها تجسد فكرة الحكومات البرلمانية، ستكون مغامرة محفوفة بالكثير من السلبيات، وقد خبرنا في التجربة الاردنية مثل هذه الحالة وتم مغادرتها بخطاب تاريخي للراحل الكبير الملك حسين رحمه الله وضح فيه اسباب الفصل بين النيابة والوزارة.